ثم يقول (١) : «ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري ، وهو جدير بذلك ، غير أنه فاته نصف اللغة أو أكثر ، إما بإهمال المادة أو بترك المعاني الغريبة النادّة ، أردت أن يظهر للناظر بادىء بدء ، فضل كتابي هذا عليه ، فكتبت بالحمرة المادة المهملة لديه ، وفي سائر التراكيب تتضح المزية بالتوجه إليه ولم أذكر ذلك إشاعة للمفاخر ، بل إذاعة لقول الشاعر :
[يقول من تقرع أسماعه] |
|
كم ترك الأول للآخر» |
وأنت أيها اليلمع المعروف ، والمعمع اليهفوف ، إذا تأملت صنيعي هذا وجدته مشتملا على فرائد أثيرة وفوائد كثيرة من حسن الاختصار وتقريب العبارة ، وتهذيب الكلام ، وإيراد المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة.
ثم يقول (٢) : ثم إني نبهت فيه على أشياء ركب فيها الجوهري خلاف الصواب ، غير طاعن فيه ، ولا قاصد بذلك تنديدا له ، إزراء عليه ، وغضّا منه ، بل استيضاحا للصواب ، واسترباحا للثواب ، وتحرزا وحذارا من أن ينمى إليّ التصحيف ، أو يعزى إليّ الغلط والتحريف.
ثم يقول (٣) : واختصصت كتاب الجوهري من بين الكتب اللغوية مع ما في غالبها من الأوهام الواضحة ، والأغلاط الفاضحة لتداوله واشتهاره بخصوصه واعتماد المدرسين على نقوله ونصوصه.
منهج الفيروزابادي في القاموس :
تتلخص أهم سمات منهجه بما يلي (٤) :
١ ـ اتبع في ترتيب المواد نظام القافية الذي ابتكره الجوهري.
٢ ـ اهتم بالترتيب الداخلي للمواد ، ففصل معاني كل صيغة من زميلتها في الاشتقاق ، وقدّم الصيغ المجردة على المزيدة ، وأخّر الأعلام.
٣ ـ اتبع مبدأ الإيجاز ، فحذف الشواهد على اختلاف أنواعها.
٤ ـ اعتمد اعتمادا كليا على المعجمين «المحكم» لابن سيده ، والعباب للصاغاني (٥).
__________________
(١) مقدمة القاموس ص ٣٤.
(٢) مقدمة القاموس ص ٣٥.
(٣) القاموس المحيط ، مقدمة المؤلف ص ٣٦.
(٤) المعاجم اللغوية اميل يعقوب ص ١٢٠ وما بعدها باختصار.
(٥) مؤلفه علي بن إسماعيل بن سيده (٣٩٨ ـ ٤٥٨ ه) وهو أعظم كتاب ألف في اللغة بعد عصر الصحاح (المزهر ١ / ١٠٠) ثم كتاب العباب للصاغاني المتوفى سنة ٦٥٠ ه ببغداد. انظر المحكم ١ / ٧ مقدمة المؤلف ، وانظر تاج العروس ط الكويت الجزء الأول مقدمة المحقق.