على بُرًى مثل قَرْية وقُرًى ، وضبط في بعض النسخ بفتح اللام ، وهو غلطٌ ، لفساد المعنى ، لأَنه يكون حينئذ من لَغِيَ يَلْغَى لَغاً إِذَا هَذَى ، وقياس باب عَلِم إِذا كان لازماً أَن يجيء على فَعَلٍ ، كفرِح فرحاً ، قال شيخنا : وفي الفقرتينِ شِبْهُ الجِناس المحرَّف ، وعلى النسخة الثانيةِ المُلحق : ويأْتي جمعُ لُغةٍ على لُغاتٍ فيجب كسرُ التاءِ في حالة النَّصْب ، وحكى الكسائيُّ : سمعتُ لُغاتَهم ، بالفتح ، تشبيهاً لها بالتاء التي يوقف عليها في البوادي أَي حالةَ كونِهم فيها ، وسوَّغ مجيءَ الحال من المضاف إِليه كونُ المضاف عاملاً فيه ، وهي جمع بادِيةٍ سماعاً وقياساً ، واشتقاقها من البُدُوِّ ، وهو الظُّهُور والبُرُوز ، وإِنما قُيِّد بذلك لأَن المعتبر في اللغاتِ ما كان مأْخوذاً عن هؤلاء الأَعرابِ القاطنين بالبادِية ، للحِكمة التي أَوْدَعها اللهُ سبحانه في لِسانهم ، مع مَظِنَّةِ البُعْدِ عن أَسرارها ولَطائِفِها وبدائعِها ومُودِع مِن أَوْدَعه الشيء إِذا جعله عنده ودِيعةً يَحفَظُه له. اللسانِ أَي لسانِ البلغاءِ. أَلْسَنَ أَفعلَ من لَسِنَ كفرح لَسَناً فَهو لَسِنٌ ككِتف ، وأَلْسن كأَحْمَر ، فهو صِفة أَي أَفصح اللُّسُن بضمتين جمع لِسان بمعنى اللغةِ. الهَوادي جمع هادية وهادِ ، وهو المُتقدِّم من كلِّ شيءٍ ومنه يقال لِلعُنق : الهادي ، والمعنى مُودِع لِسانِ البلغاءِ أَفصحَ اللُّغاتِ المُتقدِّمة في أَمرِ الفصاحةِ أَي الفائِقة فيه ، فإن الشيءَ إِذا فاق في أَمرٍ وبلغ النهايةَ فيه يقال : إِنه تقدّم فيه ، وفي البُلغاء واللَغى واللسان وما بعده من الجناس ما لا يَخفَى. ومُخَصِّص أَي مُؤْثر ومُفضّل. عُروقِ جمع عِرْق من كُلِّ شَيء أَصلُه. القَيْصُوم نَبْتٌ طيِّبُ الريحِ خاصٌّ ببلاد العرب و، مُخصّص غضى (*) مقصورٌ ، وهو شجرٌ عربِيٌّ مشهور. القَصِيم جمِع قَصيمةٍ ، رملةٌ تُنْبِت الغَضا ، وفي بعض النسخ بالضاد المعجمة ، وهو تصحيف. بما أَي بالسِّرّ والتخصيصِ الذي لم ينَلْه ، أَي لم يُعْطَه من النَّوال ، أَو لم يُصِبْه بِسرٍّ وخُصوص ولم يظفرْ به. العبهَرُ نبتٌ طيِّبٌ مشهورٌ. والجادي بالجيم والدال المهملة ، كذا في النسخة الرَّسولية والملكية ، وحُكِي إِعجام الدالِ لغةً ، والياء مشدَّدة خُفِفت لمراعاة القوافي ، وهي نِسْبة إِلى الجادِيَةِ قَرْية بالبلقاء ، قال الزمخشري في الأَساس : سَمِعت من يقول : أَرْض البلقاءِ أَرْضُ الزعفرانِ ، وأَقرَّه المناوِيُّ ، والمعنى أَن الله تعالى خصَص النباتات البدويّة كالغَضا والقَيْصوم والشّيح ، مع كوْنِها مُبتذَلةً ، بأَسرارٍ ودقائقَ لم تُوجَد في النباتَاتِ الحَضَريَّة المُعَظَّمة المُعدّة للشَمِّ والنَظَرِ كَالنّرجس والياسمين والزعفران ، وفي ضمن هذا الكلام تخصيصُ العربِ بالفصاحة والبلاغة ، واقتضى أَن في عُروق رعْيِ أَرضِهم وخِصْب زمانهم من النفع والخاصّيّة ما لم يَكن فِي فاخِرِ مَشموماتِ غيرهم ، وهو ظاهر ، وفي نُسْخَة مِيرزا على الشيرازي : الخادِي ، بالخاء المعجمة ، وهو غلَطٌ ، وفسره قاضي الأَقضية بكَجرات ، بالمُسترْخِي ، فأَخطأَ في تفسيره ، وإِنما هو الخاذي ، بمعجمتين ، ولا يُناسب هنا ، لمخالفته سائِر الفِقَر وكذا تفسيره العبْهر بالممتلِىء الجسم الناعم ، لبُعْده عن مغزى المُراد. وبين القَيْصومِ والقصيمِ جِناسُ الاشتقاقِ ومُراعاة النّظير بين كلٍّ من النَّباتينِ ومُفيضِ من أَفاضَ الماءَ ففاض ، وأَفاض أَيضاً إِذا جرى وكثُر حتى مَلأَ جوانبَ مَجراه. الأَيادي جمع أَيْدٍ جمْع يَدِ فهو جَمْعُ الجمع ، واليَد أَصلٌ في الجارِحة ، وتطلق بمعنى القُوّة ، لأَنها بها ، وبمعنى النعمة لأَنها تُنَاوِلُها ، والمُراد هنا النِّعم والآلاء بالرَّوائِح جمع رَائحةٍ ، وهي المَطرة التي تكون عَشِيَّةً ، والغوادي جمع غادِيَة ، وهي المَطرة التي تكون غدْوةً ، والباء إِمَّا سَببيَّة أَو ظرفيَّة ، والمراد بالروائح والغوادِي إِما الأَمطارُ ، أَي مُفيض النِّعَم بسببها لمن يَطلبها ، أَو مُفيضها فيها ، لأَن الأَمطار ظروفٌ للنِّعم ، أَو أَن المراد بهما عُمُومُ الأَوقاتِ ، فالباء إِذاً ظرفية ، وإِنما خُصَّت تلك الأَوقاتُ جَرْياً على الغالب. للمُجتدِي أَي طالبِ الجَدْوَى أَي السائل ، والجَدْوَى والجَدَا العَطِيّة. والجَادِي المُعْطِي ، ويَأْتي بمعنى السائل أَيضاً ، فهو من الأَضداد ، قال شيخنا : ولم يذكُره المؤلف ، وقد ذكره الإِمام أَبو عَلِيّ القالي في كتاب المقصور والممدود ، وبين الجادي والجادي الجِناسُ التامُّ ، وبينه وبين المُجتدي جناسُ الاشتقاق ، وفي بعض النسخ المُحتدِي ، بالحاء المهملة ، وهو غلط. وناقِعِ أَي مُرْوِي ومُزِيلِ غُلَّةِ بالضمِّ العطَشُ. الصَّوادي جمع صَادِية ، وهي العَطْشَى ، والمراد بالغُلَّة مُطلَقُ الحَرارة ، من باب التجريد ، وفسَّرها الأَكثرون بالنَّخيل الطِّوال ، لكن المقامَ مَقامُ العُمومِ ، كما لا يخفى ، قاله شيخنا بالأهاضيب الأَمطار الغزيرة ، أَو هي مُطلَق الأَمطارِ والثَّوَادي صِفَتُها ، أَي العظيمة الكثيرةُ الماءِ ، أَو من باب التجريد ، ويقال مطرة
__________________
(*) بالمطبوعة المصرية والكويتية معاً : غضا وهو خطأ لقوله بعدها : مقصور.