سيّدي عبد السلام اللَّقاني على كنوز الحقائق ، والصحيح أَنه يَأْتي للمبالغة وإِن أَسقطه النحاة في ذكر أَوزانها ، فالمراد به ما جاوز حَدَّ اللغة ، كذا في الكَشَّاف ، وقد نقل عن خطِّ المصنف نفسه غيرُ واحدٍ أَنه كتب على ظهْرِ هذا الكتاب أَنه لو قُدِّر تمامُه لكان في مائة مُجَلَّد ، وأَنه كمَّل منه خَمْس مُجَلَّدَات. الجامِعِ بَيْنَ المُحْكَمِ هو تأْليف الإِمام الحافظ العلامة أَبي الحسن عليّ بن إِسماعيل الشهير بابن سِيدَه الضرير ابن الضرير اللغوي ، وهو كتاب جامعٌ كبيرٌ ، يشتمل على أَنواع اللغة ، توفّي بحضرة دَانِية سنة ٤٥٨ عن ثمانين سنة. والعُبَاب كغُراب تأْليف الإِمام الجامع أَبي الفضائل رَضِيِّ الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حَيدر العُمَرِيّ الصَّغاني الحنفي اللغويّ وهذا الكتاب في عشرين مجلداً ، ولم يكمل ، لأَنه وصل إِلى مادة بكم ، كذا في المزهر ، وله شوارق الأَنوار وغيره ، توفي ١٩ شعبان سنة ٦٥٠ ببغداد ، عن ثلاث وسبعين سنة ، ودفن بالحريم الطاهريّ ، وهذا الكتاب لم أَطَّلع عليه مع كثرة بحثي عنه ، وأَما المحكم المتقدّم ذِكره عِندي منه أَربع مُجلدات ، ومنها مادّتي في هذا الشرح. وفي مقابلة الجامع باللامع ، والمعلم بالمحكم ، والعجاب بالعباب ، ترصيع حسن. وَهُما أَي الكِتابان ، هكذا في نسختنا ، وفي أخرى بحذف الواو ، وفي بعضها بالفاء بدل الواو. غُرَّتَا تثنية غُرَّة ، وفي بعض النسخ بالإِفراد. الكُتُب المصَنّفَة في هذا الباب أَي في هذا الفن ، والمراد وصفهما بكمال الشهرة ، أَو بكمال الحُسْن ، على اختلاف إِطلاق الأَغرّ ، وفيه استعارة أَو تشبيه بليغ. ونَيِّرا تثنيةُ نيّر كسَيِّد ، وهو الجامع للنُّور الممتلىء به ، والنَّيِّرانِ : الشمس والقمر ، والتثنية والوصف كلاهما على الحقيقة. بَرَاقِعِ جمْع بِرْقِعَ السماء السابعة أَو الرابعة أَو الأُولى ، والمعنى : هذانِ الكتابانِ هما النَّيرانِ المشرقانِ الطالعانِ في سماء. الفَضْل والآداب ومنهم من فسَّر البُرْقُع بما تَستتر به النساء ، أَو نيّر البرقع هو محل مخصوص منه ، وتمحَّل لبيان ذلك بِما تمجُّه الأَسماع ، وإِنما هي أَوهام وأَفكار تخالِف النقل والسماع. وعطْف الآداب على الفضل من عطف الخاصّ على العامّ. وضَمَمْت أَي جمعت. إِليهما أَي المحكم والعباب. فوائد (*) جمع فائدة ، وهي ما استفدْته من عِلم أَو مال. امتلَا بغير همز من مَلِيءَ كفرِحِ إِذا صار مملوءًا. بها أَي بتلك الفوائد. الوِطَاب بالكسرِ جمع وَطْب بالفتح فالسكون ، هو الظرف ، وله معان أُخَرُ غير مُرادةٍ هنا. واعتَلَى أَي ارتفع. منها أَي من تلك الفوائد. الخِطاب هو تَوْجِيه الكلام نحو الغَيْر للإِفهام ، وفي بعض النسخ «زيادات» بدل «فوائد». وبين امتلا واعتلَى ترصيع ، وبين الوطاب والخطاب جِناس لاحق. ففاقَ أَي علا وارتفع بسبب ما حواه. كلَّ مُؤلَّف في هذا الفنِّ أَي اللغة ، بيان للواقع. هذا الكتاب فاعل فاق ، والمراد به الكتاب المتقدِّم ذِكرُه. غير أَني كذا في النسخ المقروءَة ، وفي بعضها «أَنه» على أَن الضمير يعود إِلى الكتاب. خَمَّنْته أَي قدَّرته وتوهَّمت مَجيئه. في سِتّين سِفْراً قال الفرَّاءُ : الأَسفار : الكُتب العِظام ، لأَنها تُسْفِر عمَّا فيها من المعاني إِذا قُرِئَت ، وفي نسخة من الأُصول المكّية : ضَمَّنته ، بالضاد المعجمة بدل الخاء ، وفي شفاء الغليل للشهاب الخفاجيّ تبعاً للسيوطيّ في المزهر أَن التخمين ليس بعرَبيّ في الأَصل. وفي نسخة أُخرى من الأُصول الزَّبيدية زيادة «بحمد الله» بعد «خمنته». يُعجِز أَي يعي. تَحصيلُه فاعل يعجز. الطُّلَّاب جمع طالب ، كُركَّاب وراكب ، أَي لكثرته ، أَو لطوله. وفي نسخة ميرزا علي الشيرازي يَعجَز عن تحصيله الطلّاب. وسُئلْت أَي طَلَب مني جماعة. في تقديم (١) كتابٍ وَجِيزٍ أَي أُقدّم لهم كتاباً آخرَ موصوفاً بصِغَر الحجْمِ مع سُرْعة الوصول إِلى فهم ما فيه ، والذي يظهر عند التأْمُّلِ أَن السؤال حَصل في الانصراف عن إِتمام اللامع لِكثرة التَّعَب فيه إِلى جمع هذا الكتاب. على ذلك النِّظام أَي النهْج والأُسلوب ، أَو الوضع والترتيب السابق. وعَمَلٍ معطوف على كتاب أَي خاص. مُفرَّغ (٢) بالتشديد ، أَي مَصبوب ، من فَرِغَ إِذا انْصَبَّ ، لا من فَرَغَ إِذا خلا كفرَغَ الإِناء أَو فنِيَ كفرَغَ الزادُ ، وتشبيهُ العمل بالشيء المائع استعارة بالكناية ، وإِثبات التفريغ له تَخييلية على رأْي السَّكَّاكِي ، وعلى رأْي غيره تحقيقيّة تَبعيّة. في قَالب بفتح اللام وتكسر آلة كالمِثال يُفرَغ فيها الجواهرُ الذائبة. الإِيجاز الاختصار. والإِحكام أَي الإِتقان. مع التزام إِتمام المعاني أَي إِنهائها إِلى حدٍّ لا يحتاج إِلى شيء خارج عنه ، والمعاني جمع معْنًى ، وهو إِظهار ما تَضمَّنه اللفظ ، من عَنَتِ القِرْبة : أَظهَرَت ماءَها ،
__________________
(*) في القاموس : زيادات.
(١) في القاموس : وسئلت تقديم.
(٢) ضبط القاموس : مُفْزَغ.