فقط ، وهو وَجَدَ يَجُد بضم الجيم من يَجُد ، والمشهور بالكسر ، قال سيبويه : وقد قال ناس من العرب وجَد يَجُد ، بالضم ، كأَنهم حَذفوها من يَوجد ، وهذا لا يكاد يُوجد في الكلام ، قال أَبو جعفر اللبلي : وعلى الضم أَنشدوا هذا البيت لجرير :
لَوْ شِئْتِ قد نَقع الفُؤَادَ بِشَرْبة |
|
تَدَع الصَّوَادِي لَا تَجُدْنَ غَلِيلا |
ثم قال : وإِنما قلَّ يجُد بالضم كراهَة الضمة بعد الياء ، كما كرِهوا الواو بعدها ، وإِن كان لامه حرفاً من حروف الحلق نحو وضع ووقَع فإِن مضارعه يأْتي بالفتح وحذف الواو إِلا في كلمة واحدة وهي وَلَغَ يَلِغ ، فإِنه قد حكى بفتح الماضي وكسر المستقبل ، والمشهور يَلَغ بالفتح ، وهذا قد أَغفله شيخنا مع تصرُّفه في علم التصريف.
والمانع الثالث : أَن يكون الفعل معتلًّا بالياء ، فإِن مضارعه حينئذ يجيء بالكسر فقط ، ولا يجيء بالضم ، سواء كان متعدّياً ، نحو قولك كال زيدٌ الطعامَ يكِيله وذَامه يَذِيمه ، أَو غير متعدٍّ ، كقولك عَال يَعِيل وصَار يَصير.
والمانع الرابع : أَن يكون الفِعل معتل اللام بالياء ، فإِن مضارعه حينَئذ أَيضاً عَلَى يفعِل مكسوراً ، سواء كان متعدّياً ، نحو قولك : رَمَى زيدٌ الأَسَد يَرْمِيه ، ونَمى زيد الشيءَ يَنميه ، أَي رَفَعه ، أَو غير متعدٍّ ، نحو قولك : سَرَى يَسرِي وهَمَت عينُه تَهْمي.
فهذه الأُمور الأَربعة موجبةٌ لمنع المضارع من الضم.
وإِذا ذكرت الماضي وذكرت. آتيَه متصلاً به. بلا تَقْييِد أَي بلا ضبط ولا وزن. فهو أَي الفعل. على مِثال ضَرَبَ بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع ، وهو الباب الثاني من الثلاثي المجرد المطّرد وثاني الدعائم الثلاثة. على أَني أَذهب وأَختار وأَعتقد وأَميل. إِلى ما قال إِمام الفن. أَبو زيد مشهور بكنيته ، واسمه سعيد بن أَوس بن ثابت بن بشير بن أَبي زيد وقيل ثابت بن زيد بن قيس بن النُّعمان بن مالك بن ثعلبة بن الخزرج الأَنصاري اللغويُّ النحويُّ ، أَخذ عن أَبي عمرو بن العلاء ، وعنه أَبو عُبَيْد القاسمُ بن سلَّام ، وأَبو حاتم السجستاني ، وأَبو العيناء ، وكان ثقةً من أَهل البصرة قال السيوطي في المزهر : وكان أبو زيدٍ أَحفظَ الناس للّغة بعد أَبي مالِكٍ ، وأَوسعهم روايةً ، وأَكثرهم أَخذاً عن البادية ، وقال ابنُ مِنادِر : وأَبو زيدٍ من الأَنصارِ ، وهو من رُوَاة الحَدِيث ، ثِقةٌ عندهم مأْمونٌ. قال أَبو حاتم عن أَبي زيد : كان سيبويه يأْتي مجلسي وله ذُؤابتان ، قال : فإِذا سمعته يقول : وحَدَّثني من أَثق بعربيته فإِنما يريدني ، ومن جَلالة أَبي زيد في اللغة ما حدَّث به جعفر بن محمد ، حدّثنا محمد بن الحسن الأَزدي عن أَبي حاتم السجستاني ، عن أَبي زيد قال : كتَب رجلٌ من أَهل رَامَهُرْمز إِلى الخليل يسأَله كيف يقال : ما أَوْقفك ها هنا ومن أَوْقفك ، فكتب إِليه : هما واحد. قال أَبو زيد : لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له : إِنما يقال مَنْ وَقَفَك ، ومَا أَوقفك ، قال : فرجع إِلى قولي ، وأَما وفاته وبقيّة أَسانيده فقد تقدّم في المقدّمة. ويوجد هنا في بعض النسخ بعد قوله أَبو زيد «وجماعة» أَي ممن تبعه ورأَى رأْيه. إِذا جاوزت أَنت أَيها الناظر في لغة العرب. المَشَاهِير جمع مشهور ، وهو المعروف المتداول. من الأَفعال وهي الاصطلاحية. التي يأْتي في الكلام. ماضيها الاصطلاحي. على فَعَلَ بالفتح ولم تكن عينه أَو لامه حرفاً من حروف الحلق ، ولا تعرف مضارِعه كيف هو بعد البحث عنه في مظَانّه فلا تجده. فأَنت في المستقبل حينئذ. بالخِيار أَي مخيّر فيه. إِن شئت قُلْتَ يَفْعَلُ بضمِّ العين ، وإِن شئت قلتَ يَفعِل بكسرها وفي نسخة «بكسر العين» فالوجهانِ جائزان : الضمُّ والكسر. وهما مستعملان فيما لا يُعْرَف مستقبله ومُتساويان فيه ، فكيفما نطقت أَصبت ، وليس الضم أَولى من الكسر ، ولا الكسر أَولى من الضم ، إِذ قد ثبت ذلك كثيراً ، قالوا : حشَر ويحشِرَ ، وزمَر يزمِر ويزمُر ، وقَمرَ يقمِر ويقمُر ، وفَسَق يفسِق ويفسُق ، وفسَد يفسِد ويفسُد ، وحسَر يحسِر ويحسُر ، وعرَج يعرِج ويعرُج ، وعكَف يعكِف ويعكُف ، ونفَر ينفِر وينفُر وغدَر يغدِر ويغدُر ، وعثَر يعثِر ويعثُر ، وقدَر يقدِر ويقدُر ، وسفَك يسفِك ويسفُك ، إِلى غير ذلك مما يطول إِيراده ، وفيه لغتانِ. وفي البغية : قال أَبو عمر إِسحاق بن صالح الجَرمي ، سمعت أَبا عبيدة مَعمَر بن المثنَّى يروي عن أَبي عمرو بن العلاء قال : سمعت الضم والكَسْر في عامَّة هذا الباب ، لكن ربما اقتُصر فيه على وَجْهٍ واحِد لا بدَّ فيه من السماع ، ومنهم من قال جواز الوجهين الضمّ والكسر إِنما يكون عند مجاوَزة المشاهير من الأَفعال ،