بنصوصها ووصاياها إلى جانب تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد ، وحنين يفتت الاكباد ، والفتن الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتقاص شبه الجزيرة ، وانقلاب العرب ، واجتياح الاسلام ، وتهدده بالمنافقين من اهل المدينة ، وقد مردوا على النفاق ، وبمن حولهم من الاعراب ، وهم منافقون بنص الكتاب ، بل هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر ان لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، وقد قويت شوكتهم بفقده صلى الله عليه وآله وسلم ، وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، بين ذئاب عادية ، ووحوش ضارية ، ومسيلمة الكذاب ، وطليحة بن خويلد الافاك ، وسجاح بنت الحرث الدجالة ، وأصحابهم الرعاع الهمج ، قائمون ـ في محق الاسلام وسحق المسلمين ـ على ساق ، والرومان والاكاسرة والقياصرة وغيرهم ، كانوا للمسلمين بالمرصاد ، إلى كثير من هذه العناصر الجياشة بكل حنق من محمد وآله واصحابه ، وبكل حقد وحسيكة لكلمة الاسلام تريد ان تنقض أساسها وتستأصل شأفتها ، وانها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة ، ترى أن الامر قد استتب لها ، والفرصة ـ بذهاب النبي إلى الرفيق الاعلى ـ قد حانت ، فأرادت ان تسخر الفرصة ، وتنتهز تلك الفوضى قبل ان يعود الاسلام إلى قوة وانتظام ، فوقف علي بين هذين الخطرين ، فكان من الطبيعي له ان يقدم حقه قربانا لحياة المسلمين (١) ، لكنه أراد الاحتفاظ
__________________
(١) وقد صرح عليهالسلام بذلك في كتاب له بعثه إلى أهل مصر مع مالك الاشتر لما ولاه إمارتها اذ قال : أما بعد ، فان الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين ، فلما مضى عليهالسلام ، تنازع المسلمون الامر من بعده ، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي ان العرب تزعج هذه الامر من بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، عن أهل بيته ، ولا