قتل عثمان ، وقيام الفتنة في البصرة والشام ، ولعمري انه قصارى ما يتفق من الاحتجاج يومئذ مع الحكمة في تلك الاوقات ، ويا له مقاما محمودا بعث نص الغدير من مرقده ، فأنعشه بعد ان كاد، ومثل ـ لكل من كان في الرحبة من تلك الجماهير ـ موقف النبي (ص) يوم خم ، وقد أخذ بيد علي فأشرف به على مئة ألف أو يزيدون ، من أمته ، فبلغهم انه وليهم من بعده ، وبهذا كان نص الغدير أظهر مصاديق السنن المتواترة ، فانظر إلى حكمة النبي إذ أشاد به على رؤوس الاشهاد ، وانتبه إلى حكمة الوصي يوم الرحبة إذ ناشدهم بذلك النشاد ، فأثبت الحق بكل تؤدة اقتضتها الحال ، وكل سكينة كان الامام يؤثرها ، وهكذا كانت سيرته في بث العهد اليه ، ونشر النص عليه ، فإنه إنما كان ينبه الغافلين بأساليب لا توجب ضجة ولا تقتضي نفرة.
وحسبك ما أخرجه أصحاب السنن من حديثه عليهالسلام في الوليمة التي أولمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في دار عمه شيخ الاباطح بمكة يوم أنذر عشيرته الاقربين ، وهو حديث طويل جليل (١) ، وكان الناس ولم يزالوا يعدونه من أعلام النبوة ، وآيات الاسلام ، لاشتماله على المعجز النبوي بإطعام الجم الغفير من الزاد اليسير ، وقد جاء في آخره : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أخذ برقبته ، فقال : « إن هذا أخي ووصيي
__________________
(١) أوردناه في المراجعة ٢٠. (منه قدس).
____________________________________
١١٠ ، المناقب للخوارزمي ص ٢٢٤ ط الحيدرية ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٨٦ ط الحيدرية وص ٢٤٢ ط الغري.
وراجع ما تقدم تحت رقم (٥٩٣ و ٥٩٤ و ٥٩٥ و ٨٣٨)
وراجع ما يأتي تحت رقم (٨٩٧ وما بعده من الارقام).