في كتابنا مختصر الكلام في مؤلفي الشيعة من صدر الاسلام (١٠١٣). وليس ذلك بقادح في سمو مقامهم ، وعظيم خطرهم عند الله ورسوله والمؤمنين ، كما أن حسدة الانبياء ما زادوا أنبياء الله إلا رفعة ، ولا أثروا في شرائعهم إلا انتشارا عند أهل الحق ، وقبولا في نفوس أولي الالباب.
وقد انتشر العلم في أيام الصادق عليهالسلام بما لا مزيد عليه ، وهرع إليه شيعة آبائه (ع) من كل فج عميق ، فأقبل عليهم بانبساطه ، واسترسل إليهم بأنسه ، ولم يأل جهدا في تثقيفهم ، ولم يدخر وسعا في إيقافهم على أسرار العلوم ، ودقائق الحكمة ، وحقائق الامور ؛ كما اعترف به أبوالفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل ، حيث ذكر الصادق (ع) فقال (١) : وهو ذو علم غزير في الدين وأدب بالغ في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات ، قال : وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه ، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ، ثم دخل العراق وأقام بها مدة ما تعرض للامامة ـ أي للسلطنة ـ قط ، ولا نازع أحدا في الخلافة (قال) : ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط ، إلى آخر كلامه (١٠١٤). والحق ينطق منصفا وعنيدا.
__________________
(١) عند ذكره الباقرية والجعفرية من فرق الشيعة من كتابه الملل والنحل (منه قدس).
____________________________________
(١٠١٣) مؤلفوا الشيعة في صدر الاسلام لشرف الدين ص ٥٣ ـ ٥٥ ط النعمان.
(١٠١٤) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ١٦٦ ط دار المعرفة ـ بيروت.