الله تعالى ، ويرون أن الله تعالى يظهر للناس يوم القيامة كما يظهر البدر ليلة تمامه ، واستظهروا ذلك من طائفة من الروايات (١) وآيات القرآن الكريم.
يقول الشيخ الأشعري في (الإبانة) : وندين بأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر ، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، وفسروا بهذا الرأي قوله تعالى : (كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ). (٣) يقول الفاضل القوشجي : إن النظر إذا كان بمعنى الانتظار يستعمل بغير صلة ، ويقال انتظرت ، وإذا كان بمعنى الرؤية يستعمل بـ (إلى) ، والنظر في هذه الآية استعمل بلفظ (إلى) فيحمل على الرؤية. (٤) وفي مقابل هذا الاتجاه أصر أئمة أهل البيت عليهمالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على استحالة رؤية الله تعالى ، وفسروا الروايات والآيات التي استظهر منها أهل الحديث والأشاعرة إمكانية الرؤية بمعان مناسبة لجو الآيات والروايات.
عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام : يا بن رسول الله ، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث : أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟
فقال عليهالسلام : «يا أبا الصلت ، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته ، طاعته ، ومتابعته متابعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، وقال عز وجل : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٥) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ). (٦) وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله.
ودرجة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجنة أرفع الدرجات ، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى». (٧)
رابعا ـ رأي أهل البيت عليهمالسلام في الهداية والضلالة : اختلف العلماء اختلافا شديدا فيما جاء في كتاب الله الكريم من الآيات التي يمكن أن يستظهر منها الإنسان إسناد الهداية والضلالة إلى الله تعالى ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). (٨)
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٢٣٠ / ٣١ ، صحيح مسلم ١ : ١٦٣ / ٢٩٩.
(٢) الإبانة : ٢١!
(٣) القيامة ٧٥ : ٢٠ ـ ٢٣.
(٤) شرح التجريد للقوشجي : ٣٣٤.
(٥) النّساء ٤ : ٨٠.
(٦) الفتح ٤٨ : ١٠.
(٧) التوحيد : ١١٧ / ٢١.
(٨) النّحل ١٦ : ٩٣.