فقال : «قول الله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (١) إلى أن قال : ـ فأما الإثم فإنها الخمر بعينها ، وقد قال الله تعالى في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) (٢) فأما الإثم في كتاب الله فهي الخمر والميسر ، وإثمهما أكبر من نفعهما ، كما قال الله تعالى».
فقال المهدي : يا علي بن يقطين ، هذه فتوى هاشمية.
فقلت له : صدقت ـ يا أمير المؤمنين ـ الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت.
قال : فوالله ما صبر المهدي أن قال لي : صدقت يا رافضي. (٣)
١٤ ـ وعن محمد بن صالح الأرمني ، قال : قلت لأبي محمد العسكري عليهالسلام : عرفني عن قول الله : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) (٤) ، فقال : «لله الأمر من قبل أن يأمر ، ومن بعد أن يأمر بما يشاء».
فقلت في نفسي : هذا تأويل قول الله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٥) ، فأقبل علي وقال : «وهو كما أسررت في نفسك : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)». (٦)
١٥ ـ وفي كتاب (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل يقول فيه : «قد خطر على من ماسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه ، يقول لإبراهيم عليهالسلام : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٧) أي المشركين ، لأنه سمى الشرك ظلما بقوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)». (٨)
١٦ ـ روي عن زرارة ومحمد بن مسلم : أنهما قالا : قلنا لأبي جعفر عليهالسلام : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي ، وكم هي؟
فقال : «إن الله عز وجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ، (٩) فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».
قالا : قلنا : إنما قال الله عز وجل : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ، ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟
فقال : «أوليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٣٣.
(٢) البقرة ٢ : ٢١٩.
(٣) البرهان : تفسير الآية : ٢١٩ من سورة البقرة ، الكافي ٦ : ٤٠٦ / ١.
(٤) الروم ٣٠ : ٤.
(٥) الأعراف ٧ : ٥٤.
(٦) البرهان ، تفسير الآية : ٤ من سورة الروم ، الثاقب في المناقب ٥٦٤ / ٥٠٢.
(٧) البقرة ٢ : ١٢٤.
(٨) نور الثقلين ١ : ١٢١ / ٣٤٤ ، الاحتجاج ١ : ٢٥١ ، من سورة لقمان ٣١ : ١٣.
(٩) النساء ٤ : ١٠١.