٣٤٣ / ٢ ـ علي بن إبراهيم : الضلالة ها هنا : الحيرة ، والهدى : البيان ، فاختاروا الحيرة والضلالة على الهدى والبيان ، فضرب الله فيهم مثلا.
قوله تعالى :
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ ب
ِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ [١٧] صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ
لا يَرْجِعُونَ [١٨]
٣٤٤ / ١ ـ قال موسى بن جعفر عليهالسلام : «مثل هؤلاء المنافقين (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) أبصر بها ما حوله ، فلما أبصر ذهب الله بنورها (١) بريح أرسلها فأطفأها ، أو بمطر.
كذلك مثل هؤلاء المنافقين ، لما أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعلي بن أبي طالب عليهالسلام أعطوا ظاهرا شهادة : أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا وليه ووصيه ووارثه وخليفته في أمته ، وقاضي دينه ، ومنجز عداته (٢) ، والقائم بسياسة عباد الله مقامه ، فورث موارث المسلمين بها ، ونكح في المسلمين بها ، فوالوه من أجلها ، وأحسنوا عنه الدفاع بسببها ، واتخذوه أخا يصونونه مما يصونون عنه أنفسهم ، بسماعهم منه لها. (٣) فلما جاءه الموت وقع في حكم رب العالمين ، العالم بالأسرار ، الذي لا تخفي عليه خافية ، فأخذهم العذاب بباطن كفرهم ، فذلك حين ذهب نورهم ، وصاروا في ظلمات عذاب الله ، ظلمات أحكام الآخرة ، لا يرون منها خروجا ، ولا يجدون عنها محيصا.
ثم قال : (صُمٌ) يعني يصمون في الآخرة في عذابها (بُكْمٌ) يبكمون هناك بين أطباق نيرانها (عُمْيٌ) يعمون هناك ، وذلك نظير قوله عز وجل : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (٤) وقوله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ
__________________
٢ ـ تفسير القمي ١ : ٣٤.
سورة البقرة آية ـ ١٧ ـ ١٨ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ١٣٠ / ٦٥.
(١) في «س» و «ط» : بنورهم.
(٢) نجز عداته : قضاها. «مجمع البحرين ـ نجز ـ ٤ : ٣٧».
(٣) قال المجلسي رحمهالله : الضمير في (منه) راجع إلى أمير المؤمنين ، وفي (لها) الأنفس ، أي بأنهم كانوا يسمعون منه عليهالسلام ما ينفع أنفسهم من المعارف والأحكام والمواعظ ، أو ضمير (سماعهم) راجع إلى المسلمين ، وضمير (منه) إلى المنافق ، وضمير (لها) إلى الشهادة ، أي اتخاذهم له أخا بسبب أنهم سمعوا منه الشهادة.
(٤) طه ٢٠ : ١٢٤.