ثم قال الله عز وجل : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم ، أنت وأصحابك المؤمنون ، وتوجب قتلهم (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لا يعجزه شيء».
٣٥٠ / ١ ـ وقال علي بن إبراهيم : قوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) أي كمطر ، وهو مثل الكفار ، قال : وقوله : (يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) أي يعمي.
قوله تعالى :
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ [٢١]
٣٥١ / ٢ ـ قال الإمام عليهالسلام : «قال علي بن الحسين عليهالسلام في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) يعني سائر المكلفين من ولد آدم. (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) أطيعوا ربكم من حيث أمركم ، أن تعتقدوا أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، ولا شبيه له ولا مثل ، عدل لا يجور ، جواد لا يبخل ، حليم لا يعجل ، حكيم لا يخطل (١) ، وأن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده ورسوله ، وبأن آل محمد أفضل آل النبيين ، وأن عليا عليهالسلام أفضل [آل محمد ، وأن أصحاب محمد المؤمنين منهم أفضل صحابة المرسلين ، وأن أمة محمد أفضل] أمم المرسلين.
ثم قال عز وجل : (الَّذِي خَلَقَكُمْ) اعبدوا الذي خلقكم من نطفة من ماء مهين ، فجعله في قرار مكين ، إلى قدر معلوم ، فقدره فنعم القادر رب العالمين. (٢) قوله : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي اعبدوا بتعظيم محمد وعلي بن أبي طالب عليهماالسلام (الَّذِي خَلَقَكُمْ) نسما ، وسواكم من بعد ذلك ، وصوركم ، فأحسن صوركم.
ثم قال عز وجل : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) قال : وخلق الله الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : لها وجهان :
أحدهما : وخلق الذين من قبلكم لعلكم ـ كلكم ـ تتقون ، أي لتتقوا كما قال الله عز وجل : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (٣).
والوجه الآخر : اعبدوا الذي خلقكم ، والذين من قبلكم ، لعلكم تتقون ، أي اعبدوه لعلكم تتقون النار ،
__________________
١ ـ تفسير القمّي ١ : ٣٤.
سورة البقرة آية ـ ٢١ ـ
٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ١٣٩ / ٦٨ و ٦٩ و ٧١.
(١) الخطل : المنطق الفاسد المضطرب ، وقد خطل في كلامه وأخطل ، أي أفحش. «الصحاح ـ خلل ـ ٤ : ١٦٨٥».
(٢) في «س» و «ط» : فقدّرنا فنعم القادرون العالمون.
(٣) الذّاريات ٥١ : ٥٦.