البيت والخيمة كل يوم وليلة ، كما (١٠) يطوفون في السماء حول البيت المعمور.
قال : وأركان البيت الحرام في الأرض حيال (١١) البيت المعمور الذي في السماء ، قال : ثم إن الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك : أن أهبط إلى آدم وحواء فنحهما عن مواضع قواعد بيتي ، لأني أريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي ، فارفع أركان بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم.
قال : فهبط جبرئيل على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة ، ونحاهما (١٢) عن ترعة البيت الحرام ، ونحى الخيمة عن موضع الترعة ، قال : ووضع آدم على الصفا ، ووضع حواء على المروة ، ورفع الخيمة إلى السماء.
فقال آدم وحواء : يا جبرئيل ، بسخط من الله عليكما ، ولكن الله لا يسأل عما يفعل ـ يا آدم ـ إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك ويطوفوا حول أركان البيت والخيمة ، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة ، حيال البيت المعمور ، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله إلي أن أنحيك وحواء ، وأرفع الخيمة إلى السماء.
فقال آدم : رضينا بتقدير الله ونافذ أمره فينا ، فكان آدم على الصفا ، وحواء على المروة ، قال : فداخل آدم لفراق حواء وحشة شديدة وحزن.
قال : فهبط من الصفا يريد المروة شوقا إلى حواء وليسلم عليها ، وكان فيما بين الصفا والمروة واد ، وكان آدم يرى المروة من فوق الصفا ، فلما انتهى [إلى] موضع الوادي غابت عنه المروة ، فسعى في الوادي حذرا لما لم ير المروة مخافة أن يكون قد ضل عن طريقه ، [فلما أن جاز الوادي] وارتفع عنه نظر إلى المروة ، فمشى حتى انتهى إلى المروة ، فصعد عليها ، فسلم على حواء.
ثم أقبلا بوجههما نحو موضع الترعة ينظران هل رفع قواعد البيت ، ويسألان الله أن يردهما إلى مكانهما حتى هبط من المروة فرجع إلى الصفا فقام عليه ، وأقبل بوجهه نحو موضع الترعة فدعا الله ، ثم إنه اشتاق إلى حواء ، فهبط من الصفا يريد المروة ، ففعل مثل ما فعله في المرة الأولى ، ثم رجع إلى الصفا ففعل عليه مثل ما فعل في المرة الأولى ، ثم إنه هبط من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في المرتين الأوليين.
ثم رجع إلى الصفا فقام عليه ، ودعا الله أن يجمع بينه وبين زوجته حواء ، قال : فكان ذهاب آدم من الصفا إلى المروة ثلاث مرات ، ورجوعه ثلاث مرات ، فذلك ستة أشواط ، فلما أن دعوا الله وبكيا إليه وسألاه أن يجمع بينهما ، استجاب الله لهما من ساعتهما من يومهما ذلك مع زوال الشمس.
فأتاه جبرئيل وهو على الصفا واقف يدعو الله مقبلا بوجهه نحو الترعة ، فقال له جبرئيل : انزل ـ يا آدم ـ من
__________________
(١٠) في المصدر : كما كانوا.
(١١) الحيال : قبالة الشيء. «المعجم الوسيط ـ حال ـ ١ : ٢٠٩».
(١٢) في المصدر : ونهاهما.