رسول الله؟ قال : «الفدية». قال : قيل : ما الصرف ، يا رسول الله؟ قال : «التوبة».
قال مؤلف هذا الكتاب : لا منافاة بين التفسيرين في بني إسرائيل بحمل أحد التفسيرين على الظاهر ، والآخر على الباطن.
قوله تعالى :
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ
أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [٤٩]
٤٧٢ / ١ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله : واذكروا ، يا بني إسرائيل (إِذْ نَجَّيْناكُمْ) أنجينا أسلافكم (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته وبدينه ومذهبه (يَسُومُونَكُمْ) يعذبونكم (سُوءَ الْعَذابِ) شدة العذاب ، كانوا يحملونه عليكم».
قال : «وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ، ويخاف أن يهربوا عن العمل ، فأمر بتقييدهم ، فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلالم إلى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن (١) ولا يحفلون (٢) بهم ، إلى أن أوحى الله تعالى إلى موسى عليهالسلام : قل لهم : لا يبتدئون عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم ، فكانوا يفعلون ذلك فيخفف عليهم.
وأمر كل من سقط وزمن ، ممن نسي الصلاة على محمد وآله ، بأن يقولها على نفسه إن أمكنه ـ أي الصلاة على محمد وآله ـ أو يقال عليه إن لم يمكنه ، فإنه يقوم ولا يضره ذلك ، ففعلوها فسلموا.
(يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) وذلك لما قيل لفرعون : إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك ، وزوال ملكك ؛ فأمر بذبح أبنائهم ، فكانت الواحدة منهن تصانع (٣) القوابل عن نفسها لئلا تنم عليها [ويتم] حملها ، ثم تلقي ولدها في صحراء ، أو غار جبل ، أو مكان غامض ، وتقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد وآله ، فيقيض (٤) الله له ملكا يربيه ؛ ويدر من إصبع له لبنا يمصه ، ومن إصبع طعاما لينا يتغذاه ، إلى أن نشأ بنو إسرائيل ، فكان من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل.
__________________
سورة البقرة آية ـ ٤٩ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٤٢ / ١٢٠.
(١) زمن : مرض مرضا يدوم زمانا طويلا ، أو ضعف بكبر سنّ أو مطاولة علّة. «المعجم الوسيط ـ زمن ـ ١ : ٤٠١».
(٢) الحفل : المبالاة ، يقال : ما أحفل بفلان ، أي ما أبالي به. «لسان العرب ـ حفل ـ ١١ : ١٥٩».
(٣) المصانعة : الرشوة. «الصحاح ـ صنع ـ ٣ : ١٢٤٦».
(٤) قيّض الله فلانا لفلان ، أي جاء به وأتاحه له. «الصحاح ـ قيض ـ ٣ : ١١٠٤».