٥١٦ / ٣ ـ وقال علي بن إبراهيم : إنها نزلت في اليهود ، وقد كانوا أظهروا الإسلام وكانوا منافقين ، وكانوا إذا رأوا رسول الله قالوا : إنا معكم ، وإذا رأوا اليهود ، قالوا : إنا معكم ، وكانوا يخبرون المسلمين بما في التوراة من صفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، فقال لهم كبراؤهم وعلماؤهم : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) فرد الله عليهم ، فقال : (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ).
قوله تعالى :
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ [٧٨]
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ
لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا
يَكْسِبُونَ [٧٩]
٥١٧ / ١ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عز وجل : يا محمد ، ومن هؤلاء اليهود (أُمِّيُّونَ) لا يقرءون الكتاب ولا يكتبون ، فالأمي منسوب إلى أمه ، أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ) المنزل من السماء ولا المكذب به ، ولا يميزون بينهما (إِلاَّ أَمانِيَ) أي إلا أن يقرأ عليهم ، ويقال لهم : إن هذا كتاب الله وكلامه ، ولا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه (وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته ، وإمامة علي سيد عترته ، وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم».
قال : «فقال رجل للصادق عليهالسلام : فإذا كان هؤلاء القوم (١) لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا (٢) يقلدون علماءهم ، فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم ، لم يجز لعوامنا القبول من علمائهم؟
فقال عليهالسلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة ، وتسوية من جهة ، أما من حيث إنهم استووا ، فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم (٣) علماءهم ، كما قد ذم عوامهم ، وأما من حيث أنهم افترقوا فلا.
__________________
٣ ـ تفسير القمّي ١ : ٥٠.
سورة البقرة آية ـ ٧٨ ـ ٧٩ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٩٩ / ١٤٣ ـ ١٤٥.
(١) في المصدر : العوام من اليهود.
(٢) في المصدر : لهؤلاء.
(٣) في «س» : تقليد.