٥٤٨ / ٣ ـ العياشي : عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : أما قوله : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ) قال أبو جعفر : «ذلك مثل موسى والرسل من بعده وعيسى (صلوات الله عليهم) ، ضرب مثلا لأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال الله لهم : فإن جاءكم محمد بما لا تهوى أنفسكم بموالاة علي استكبرتم ؛ ففريقا من آل محمد كذبتم ، وفريقا تقتلون ، فذلك تفسيرها في الباطن».
قوله تعالى :
وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ [٨٨]
٥٤٩ / ١ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عز وجل : (وَقالُوا) يعني هؤلاء اليهود الذي أراهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المعجزات المذكورات عند قوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) (١) الآية (قُلُوبُنا غُلْفٌ) أوعية للخير والعلوم ، قد أحاطت بها واشتملت عليها ، ثم هي مع ذلك لا تعرف لك ـ يا محمد ـ فضلا مذكورا في شيء من كتب الله ، ولا على لسان أحد من أنبياء الله.
فقال الله تعالى ردا عليهم : (بَلْ) ليس كما يقولون أوعية للعلوم ، ولكن قد (لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم الله من الخير (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) قليل إيمانهم ، يؤمنون ببعض ما أنزل الله ، ويكفرون ببعض ، فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول : فقد صار ما كذبوا به أكثر ، وما صدقوا به أقل.
وإذا قرئ (غلف) (٢) فإنهم قالوا : قلوبنا غلف في غطاء ، فلا نفهم كلامك وحديثك ، نحو ما قال الله عز وجل : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) (٣) وكلا القراءتين حق ، وقد قالوا بهذا وبهذا جميعا.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : معاشر اليهود ، تعاندون رسول الله رب العالمين ، وتأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين ، إن الله لا يعذب بها أحدا ، ولا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا ، إن آدم عليهالسلام لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة ، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم؟! قيل : وكيف كان ذاك ، يا رسول الله؟
__________________
٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٤٩ / ٦٨.
سورة البقرة آية ـ ٨٨ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٩٠ / ٢٦٦ و ٢٦٧.
(١) البقرة ٢ : ٧٤.
(٢) القراءة المشهورة (غلف) بسكون اللاّم ، وروي في الشواذ (غلف) بضمّ اللاّم ، والأولى جمع» الأغلف) مثل (أحمر وحمر) ، والثانية جمع (غلاف) مثل (حمار وحمر). «مجمع البيان للطبرسيّ ١ : ٣٠٨».
(٣) فصّلت ٤١ : ٥.