مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).
قال : «كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما بين عير (١) وأحد ، فخرجوا يطلبون الموضع ، فمروا بجبل يسمى حددا ، فقالوا : حدد وأحد (٢) سواء ؛ فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء (٣) ، وبعضهم بفدك ، وبعضهم بخيبر ، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم ، فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا (٤) منه ، وقال لهم : أمر بكم ما بين عير وأحد؟ فقالوا له : إذا مررت بهما فآذنا (٥) بهما. فلما توسط بهم أرض المدينة ، قال لهم : ذاك عير ، وهذا أحد ؛ فنزلوا عن ظهر إبله ، وقالوا : قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك ، فاذهب حيث شئت.
فكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر : أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا. فكتبوا إليهم : أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم ، فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم! فاتخذوا بأرض المدينة الأموال ، فلما كثرت أموال بلغ تبع (٦) فغزاهم ، فتحصنوا منه فحاصرهم ، وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع ، فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير ، فبلغ ذلك تبع فرق لهم وآمنهم فنزلوا إليه ، فقال لهم : إني قد استطبت بلادكم ، ولا أراني إلا مقيما فيكم.
فقالوا : إنه ليس ذاك لك ، إنها مهاجر نبي ، وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك.
فقال لهم : إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك يساعده وينصره (٧) ؛ فخلف حيين : الأوس ، والخزرج. فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود ، وكانت اليهود تقول لهم : أما لو قد بعث محمد لنخرجنكم (٨) من ديارنا وأموالنا ؛ فلما بعث الله عز وجل محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم آمنت به الأنصار ، وكفرت به اليهود ، وهو قول الله عز وجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
وروى العياشي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام الحديث بعينه (٩).
٥٥٢ / ٣ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله تبارك وتعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ)؟
__________________
(١) عير : جبل في المدينة ، وقيل : في الحجاز. «معجم البلدان ٤ : ١٧٢».
(٢) حدد : جبل مطل على تيماء. «معجم البلدان ٢ : ٢٢٩».
(٣) التيماء : الفلاة ، وتيماء : بليد في أطراف الشام ما بين الشام ووادي القرى. «معجم البلدان ٢ : ٦٧».
(٤) تكاروا : استأجروا.
(٥) آذنتك بالشيء : أعلمتكه. «الصحاح ـ أذن ـ ٥ : ٢٠٦٩».
(٦) تبع : من ملوك حمير. «مجمع البحرين ـ تبع ـ ٤ : ٣٠٥».
(٧) في «ط» نسخة بدل : ساعده ونصره.
(٨) في المصدر : ليخرجنكم.
(٩) تفسير العياشي ١ : ٤٩ / ٦٩.
٣ ـ الكافي ٨ : ٣١٠ / ٤٨٢.