مخالفيكم.
فإن محمدا وعليا وذريتهما (٤) يقولون : إنهم هم أولياء الله عز وجل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم ، وهم المجاب دعاؤهم ؛ فإن كنتم ـ يا معشر اليهود ـ كما تزعمون (٥) ، فتمنوا الموت للكاذبين منكم ومن مخالفيكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بأنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم ، فقولوا : اللهم أمت الكاذب منا ومن مخالفينا ؛ ليستريح منه الصادقون ، ولتزداد حجتكم وضوحا بعد أن (٦) صحت ووجبت.
ثم قال لهم رسول الله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما عرض هذا عليهم : لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه فمات مكانه ؛ وكانت اليهود علماء بأنهم هم الكاذبون ، وأن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليا عليهالسلام ومصدقيهما هم الصادقون ، فلم يجسروا (٧) أن يدعوا بذلك ، لعلمهم بأنهم إن دعوا فهم الميتون.
فقال الله تعالى : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) يعني اليهود ، لن يتمنوا الموت بما قدمت أيديهم من الكفر (٨) بالله ، وبمحمد رسوله ونبيه وصفيه ، وبعلي أخي نبيه ووصيه ، وبالطاهرين من الأئمة المنتجبين.
قال الله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) اليهود ، أنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب ، لعلمهم أنهم هم الكاذبون ، ولذلك آمرك أن تبهرهم بحجتك ، وتأمرهم أن يدعوا على الكاذب ، ليمتنعوا من الدعاء ، ويبين (٩) للضعفاء أنهم هم الكاذبون.
ثم قال : يا محمد (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) يعني تجد هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) وذلك ليأسهم من نعيم الآخرة ، لانهماكهم في كفرهم ، الذين يعلمون أنهم لا حظ لهم معه في شيء من خيرات الجنة.
(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قال تعالى : هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) وأحرص (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) على حياة ـ يعني المجوس ـ لأنهم لا يرون النعيم إلا في الدنيا ، ولا يأملون خيرا في الآخرة ، فلذلك هم أشد الناس حرصا على حياة.
ثم وصف اليهود فقال : (يَوَدُّ) يتمنى (أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ) التعمير ألف سنة (بِمُزَحْزِحِهِ) بمباعده (مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) تعميره.
وإنما قال : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) ولم يقل : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ) فقط ، لأنه لو قال : وما هو بمزحزحه من العذاب والله بصير ، لكان يحتمل أن يكون (وَما هُوَ) يعني وده وتمنيه
__________________
(٤) في «ط» والمصدر : وذويهما.
(٥) في المصدر : تدّعون.
(٦) في المصدر زيادة : قد.
(٧) في «ط» نسخة بدل : لا يجرءون.
(٨) في المصدر : كفرهم.
(٩) في المصدر : يتبيّن.