وذلك قوله عز وجل : (وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) شيعة محمد وعلي ومن تبعهم من أخلافهم وذراريهم.
ثم قال : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) لإنعامه على محمد وعلي ، وعلى آلهما الطيبين ، وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا : نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا وعليا بما يدعيان.
(وَجِبْرِيلَ) ومن كان عدوا لجبرئيل ، لأن الله تعالى جعله ظهيرا لمحمد وعلي عليهماالسلام على أعداء الله ، وظهيرا لسائر الأنبياء والمرسلين كذلك.
(وَمَلائِكَتِهِ) يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله ، وتأييد أولياء الله ، وذلك قول بعض النصاب المعاندين : برئت من جبرئيل الناصر لعلي.
وقوله تعالى : (وَرُسُلِهِ) ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى ، وسائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد وإمامة علي ، وذلك قول النواصب : برئنا من هؤلاء الرسل الذين دعوا إلى إمامة علي.
ثم قال : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) أي ومن كان عدوا لجبرئيل وميكائيل ، وذلك كقول من قال من النصاب ، لما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في علي عليهالسلام : جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وإسرافيل من خلفه ، وملك الموت أمامه ، والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه وناصره.
قال بعض النواصب : فأنا أبرأ من الله ومن جبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي على ما قاله محمد.
فقال : من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب عليهالسلام (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات ، وتشديد العقوبات.
وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيء في الله تبارك وتعالى وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله ، وما كان من أعداء الله النصاب من قول أسوء منه في الله تبارك وتعالى وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله.
أما ما كان من النصاب ، فهو أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما كان لا يزال يقول في علي عليهالسلام الفضائل التي خصه الله عز وجل بها ، والشرف الذي أهله الله تعالى له ، وكان في كل ذلك يقول : أخبرني به جبرئيل عن الله.
ويقول في بعض ذلك : جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ؛ ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي عليهالسلام الذي هو أفضل من اليسار ، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة ، وملك الموت الذي أمامه بالخدمة ، وأن اليمين والشمال أشرف من ذلك ، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول في بعض أحاديثه : إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا ، وإن قسم الملائكة فيما بينهم : والذي شرف عليا على جميع الورى بعد محمد المصطفى.
ويقول مرة [أخرى] : إن ملائكة السماوات والحجب ليشتاقون إلى رؤية علي بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق ، آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم.