ليتناول الآيات ، فيكون هو الذي ينبذ العهود ويقرأ الآيات.
وقال جبرئيل : يا محمد ، ما أمرك ربك بدفعها إلى علي عليهالسلام ونزعها من أبي بكر سهوا ولا شكا ، ولا استدراكا على نفسه غلطا ، ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي يقومه أخوك علي عليهالسلام لن يقومه غيره سواك ـ يا محمد ـ وإن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء مرتبته ، وعرفت (٩) عندهم منزلته.
فلما انتزع علي عليهالسلام الآيات من يده ، لقي أبو بكر بعد ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : بأبي أنت وأمي ـ يا رسول الله ـ أنت أمرت عليا أن يأخذ هذه الآيات من يدي؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ، ولكن العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني ، وأما أنت فقد عوضك الله بما (١٠) حملك من آياته ، وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة ، والمراتب الشريفة ، أما إنك إن دمت على موالاتنا ، ووافيتنا في عرصات القيامة ، وفيا بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق ، [فأنت] من خيار شيعتنا ، وكرام أهل مودتنا ، فسري (١١) بذلك عن أبي بكر».
قال : «فمضى علي عليهالسلام لأمر الله ، ونبذ العهود إلى أعداء الله ، وأيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله ، وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا ؛ غشاه الله نوره ، وكساه فيهم هيبة وجلالا ، لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء ـ قال ـ : وذلك قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ).
وهي مساجد خيار المؤمنين بمكة ، لما منعوهم من التعبد فيها بأن ألجؤوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الخروج عن مكة (وَسَعى فِي خَرابِها) خراب تلك المساجد لئلا تعمر بطاعة الله ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ) أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه (١٢) وحكمه النافذ عليهم ، إن يدخلوها كافرين ، بسيوفه وسياطه (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) وهو طرده إياهم عن الحرم ، ومنعهم أن يعودوا إليه (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)».
٥٨٥ / ٢ ـ أبو علي الطبرسي ـ في معنى الآية ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنهم قريش حين منعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دخول مكة والمسجد الحرام».
قوله تعالى :
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ
__________________
(٩) في المصدر : وشرفت.
(١٠) في المصدر زيادة : قد.
(١١) سرّي عنه : تجلّى همّه. «لسان العرب ـ سرا ـ ١٤ : ٣٨٠».
(١٢) في المصدر : من عدله.
٢ ـ مجمع البيان ١ : ٣٦١.