قوله تعالى :
وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي
الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [١٣٠] إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ
قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [١٣١] وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ
وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ [١٣٢]
٦٤٦ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (١) رضياللهعنه ، قال : حدثنا حمزة ابن القاسم العلوي العباسي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات ، عن محمد بن زياد الأزدي ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام ـ في حديث له [ذكر فيه الكلمات التي ابتلى الله بهن إبراهيم عليهالسلام] ـ قال : [«ثم استجابة الله دعوته حين قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) (٢) وهذه آية متشابهة ، ومعناها أنه سأل عن الكيفية ، والكيفية من فعل الله عز وجل ، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ، ولا عرض في توحيده نقص ، فقال الله عز وجل : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) (٣).
هذه شرط عام ، لمن آمن به ، متى سئل واحد منهم : أولم تؤمن؟ وجب آن يقول : بلى ، كما قال إبراهيم عليهالسلام ، ولما قال الله عز وجل لجميع أرواح بني آدم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٤) ، كان أول من قال بلى ، محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصار بسبقه إلى بلى سيد الأولين والآخرين ، وأفضل النبيين والمرسلين ، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته] ، قال الله عز وجل : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ).
ثم اصطفاء الله عز وجل إياه في الدنيا ، ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين في قوله عز وجل : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). والصالحون هم النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) ، الآخذون عن الله أمره ونهيه ، والملتمسون الصلاح من عنده ، والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله عز وجل : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ).
ثم اقتداء من بعده من الأنبياء عليهمالسلام به في قوله عز وجل : وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ
__________________
سورة البقرة آية ـ ١٣٠ ـ ١٣٢ ـ
١ ـ الخصال : ٣٠٨ / ٨٤.
(١) في المصدر : علي بن أحمد بن موسى ، وكلاهما من مشايخ الصدوق ، ولا يبعد اتحادهما ، انظر معجم رجال الحديث ١١ : ٢٥٤ و ٢٥٥.
(٢ ، ٣) البقرة ٢ : ٢٦٠.
(٤) الأعراف ٧ : ١٧٢.