تحترزوا من الحر ، أفبدا له في الصيف حين (٦) أمركم بخلاف ما أمركم به في الشتاء؟ قالوا : لا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء ، ثم بعده في وقت آخر لصلاح آخر (٧) بشيء آخر ، فإن أطعتم في الحالين استحققتم ثوابه ، فأنزل الله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٨) أي إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه (٩) الله تعالى ، وتؤملون ثوابه.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عباد الله ، أنتم كالمرضى ، والله رب العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب ويدبره به ، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين».
فقيل : يا بن رسول الله ، فلم أمر بالقبلة الأولى؟
فقال : «لما قال الله عز وجل : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) وهي بيت المقدس (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) (١٠) إلا لنعلم ذلك منه موجودا بعد أن علمناه سيوجد ، وذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة ، فأراد الله يبين متبع محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من مخالفه باتباع القبلة التي كرهها ، ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر بها ، ولما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة ، ليبين من يوافق محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما يكرهه ، فهو مصدقه وموافقه.
ثم قال : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) (١١) أي كان (١٢) التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلا على من يهدي الله ، فعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه».
قوله تعالى :
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [١٤٣]
٦٦٦ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن
__________________
(٦) في المصدر : حتى.
(٧) في المصدر زيادة : يعلمه.
(٨) البقرة ٢ : ١١٥.
(٩) في «ط» نسخة بدل : الذي تعبدون فيه.
(١٠) البقرة ٢ : ١٤٣.
(١١) البقرة ٢ : ١٤٣.
(١٢) في «س وط» : وإن كان ما كان.
سورة البقرة آية ـ ١٤٣ ـ
١ ـ الكافي ١ : ١٤٦ / ٢.