فأما قوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) يعني الزنا المعلن ، ونصب الرايات التي كانت تعرف بها الفواحش (٤) في الجاهلية.
وأما قوله تعالى : (ما بَطَنَ) يعني ما نكح آباؤكم (٥) ؛ لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا كان للرجل زوجة ومات عنها ، تزوج بها (٦) ابنه من بعده ، إذا لم تكن امه ، فحرم الله عز وجل ذلك.
وأما الإثم : فإنها الخمرة بعينها ، وقد قال الله عز وجل في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فأما الإثم في كتاب الله عز وجل فهي الخمرة والميسر وإثمهما أكبر ، كما قال الله تعالى».
فقال المهدي : يا علي بن يقطين ، هذه والله فتوى هاشمية.
قال : قلت له : صدقت ـ والله ـ يا أمير المؤمنين ، الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت.
قال : فو الله ، ما صبر المهدي أن قال لي : صدقت ، يا رافضي.
١١١٦ / ٢ ـ وعنه : عن بعض أصحابنا ، مرسلا ، قال : «إن أول ما نزل في تحريم الخمر ، قول الله جل وعز : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريمها وتحريم الميسر والأنصاب والأزلام (١) ، وعلموا أن الإثم مما ينبغي اجتنابه ، ولا يحمل الله عز وجل عليهم من كل طريق ؛ لأنه قال : (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ).
ثم أنزل الله عز وجل : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢) فكانت هذه الآية أشد من الاولى وأغلظ في التحريم.
ثم ثلث بآية اخرى ، فكانت أغلظ من الأولى والثانية [وأشد] ، فقال الله عز وجل : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٣) فأمر الله عز وجل باجتنابها ، وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرمها.
ثم بين الله عز وجل تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع (٤) ما دل عليه في هذه الآي المذكورة المتقدمة ، بقوله عز وجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (٥).
وقال الله عز وجل في الآية الاولى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)
__________________
(٤) في المصدر : كانت ترفعها الفواجر للفواحش.
(٥) في المصدر : من الآباء.
(٦) في المصدر : تزوجها.
٢ ـ الكافي ٦ : ٤٠٦ / ٢.
(١) (والأنصاب والأزلام) ليس في المصدر.
(٢) المائدة ٥ : ٩٠.
(٣) المائدة ٥ : ٩١.
(٤) في «ط» : وكشف في الآية الرابعة منع.
(٥) الأعراف ٧ : ٣٣.