قال عاصم : فلم اقتصرت ـ يا أمير المؤمنين ـ على لبس الخشن ، وأكل الجشب؟
قال : «إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام (١١) كيلا يتبيغ (١٢) بالفقير فقره» فما قام علي عليهالسلام حتى نزع عاصم العباءة ولبس ملاءة.
قوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً
أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ
وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [١٧٤]
١ ـ (تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عز وجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) المشتمل على ذكر فضل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على جميع النبيين وفضل علي عليهالسلام على جميع الوصيين.
(وَيَشْتَرُونَ بِهِ) بالكتمان (ثَمَناً قَلِيلاً) يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا ، وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) يوم القيامة (إِلاَّ النَّارَ) بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بكلام خير ، بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول : بئس العباد أنتم ، غيرتم ترتيبي ، وأخرتم من قدمته ، وقدمتم من أخرته ، وواليتم من عاديته ، وعاديتم من واليته.
(وَلا يُزَكِّيهِمْ) من ذنوبهم ، لأن الذنوب إنما تذوب وتضمحل إذا قرن بها موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين عليهمالسلام. فأما ما يقرن بها الزوال عن موالاة محمد وآله عليهمالسلام ، فتلك ذنوب تتضاعف ، وأجرام تتزايد ، وعقوباتها تتعاظم ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع في النار».
٢ ـ (دعائم الإسلام) : عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ، أنه قال : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : الشيخ الزاني ، والديوث ـ وهو الذي لا يغار ، ويجتمع الناس في بيته على الفجور ـ والمرأة توطئ فراش زوجها».
__________________
(١٠) السلتاء : التي لا تختضب.
(١١) القوام : ما يقيم الإنسان من القوت.
(١٢) تبيّغ به الفقر : غلب عليه وتجاوز الحدّ.
مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٧٤ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٨٥ / ٣٥٢.
٢ ـ دعائم الإسلام ٢ : ٤٤٨ / ١٥٧٠.