قوله تعالى :
ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ
لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [١٧٦]
١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : «(ذلِكَ) يعني ذلك العذاب الذي وجب على هؤلاء بآثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لإمامهم ، وزوالهم عن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه ، أخيه وصفيه ، (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) نزل الكتاب الذي توعد فيه من خالف المحقين وجانب الصادقين ، وشرع في طاعة الفاسقين ، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم.
(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) فلم يؤمنوا به ، قال بعضهم : إنه سحر. وبعضهم : إنه شعر. وبعضهم : إنه كهانة (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) مخالفة بعيدة عن الحق ، كأن الحق في شق وهم في شق غيره يخالفه.
قال علي بن الحسين عليهماالسلام : هذه أحوال من كتم فضائلنا ، وجحد حقوقنا ، وسمى بأسمائنا ، ولقب بألقابنا ، وأعان ظالمنا على غصب حقوقنا ، ومالأ علينا أعداءنا ، والتقية عليكم لا تزعجه ، والمخالفة على نفسه وماله وحاله لا تبعثه.
فاتقوا الله معاشر شيعتنا ، لا تستعملوا الهوينا ولا تقية عليكم ، ولا تستعملوا المهاجرة والتقية تمنعكم ، وسأحدثكم في ذلك بما يردعكم ويعظكم : دخل على أمير المؤمنين عليهالسلام رجلان من أصحابه ، فوطئ أحدهما على حية فلدغته ، ووقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته وسقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان ويبكيان ، فقيل لأمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : دعوهما ، فانه لم يحن حينهما ، ولم تتم محنتهما ، فحملا إلى منزليهما ، فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديد شهرين.
ثم إن أمير المؤمنين عليهالسلام بعث إليهما ، فحملا إليه ، والناس يقولون : سيموتان على أيدي الحاملين لهما.
فقال لهما : كيف حالكما؟ قالا : نحن بألم عظيم ، وفي عذاب شديد. قال لهما : استغفر الله من كل ذنب أداكما إلى هذا ، وتعوذا بالله مما يحبط أجركما ، ويعظم وزركما.
قالا : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟
فقال علي عليهالسلام : ما أصيب واحد منكما إلا بذنبه ، أما أنت يا فلان ـ وأقبل على أحدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسي رحمهالله فلان وطعن عليه لموالاته لنا ، فلم يمنعك من الرد والاستخفاف به خوف على نفسك ولا على أهلك ولا على ولدك ومالك ، أكثر من أنك استحييته ، فلذلك أصابك ، فإن أردت أن يزيل الله ما
__________________
مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٧٦
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٨٦ / ٣٥٢.