قوله تعالى :
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ
[٣٠]
١٦٤٨ / ١ ـ محمد بن يعقوب : قال : حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن إبراهيم ، [عن أبيه] (١) جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان علي بن الحسين عليهالسلام يعظ الناس ، ويزهدهم في الدنيا ، ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحفظ عنه وكتب ، كان يقول : «أيها الناس ، اتقوا الله ، واعلموا أنكم إليه ترجعون ، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا ، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه ، ويحك يا بن آدم ، الغافل وليس بمغفول عنه.
يا بن آدم ، إن أجلك أسرع شيء إليك ، قد أقبل نحوك حثيثا (٢) ، يطلبك ويوشك أن يدركك ، وكأن قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك ، وصرت إلى قبرك وحيدا ، فرد إليك فيه روحك ، واقتحم عليك فيه ملكان : نكير ، وناكر لمساءلتك ، وشديد امتحانك.
ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده ، وعن نبيك الذي أرسل إليك ، وعن دينك الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت تتولاه ، ثم عن عمرك فيما كنت أفنيته ، ومالك من أين اكتسبته ، وفيما أنفقته.
فخذ حذرك ، وانظر لنفسك ، وأعد الجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار ، فإن تك مؤمنا عارفا بدينك ، متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك ، وأنطق لسانك بالصواب ، وأحسنت الجواب ، وبشرت بالرضوان والجنة من الله عز وجل ، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودحضت حجتك ، وعييت عن الجواب ، وبشرت بالنار ، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم ، وتصلية جحيم.
واعلم يا ابن آدم ، إن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (٣) يجمع الله عز وجل فيه الأولين والآخرين ، ذلك يوم ينفخ في الصور ، ويبعثر فيه من في
__________________
سورة آل عمران آية ـ ٣٠ ـ
١ ـ الكافي ٨ : ٧٢ / ٢٩.
(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب لعدم ثبوت رواية عليّ بن إبراهيم عن الحسن بن محبوب مباشرة ودون واسطة ، وقد روى إبراهيم عن الحسن كثيرا ، انظر معجم رجال الحديث ١ : ٣١٩ ، و ٥ : ٩٤.
(٢) حثيثا : أي سريعا! «مجمع البحرين ـ حثث ـ ٢ : ٢٤٤».
(٣) هود ١١ : ١٠٣.