النجاسة ، كما ربّما يومئ إليه الغاية المعهود منها كونها غاية للطهارة والحلّية.
ويرد على الأوّل منها : ظهوره في البيع لمن يشربه وهو نجس أو حرام ـ أعني قبل إذهاب ثلثيه ـ ولا كلام في تحريمه حينئذٍ ، ولذا قال عليهالسلام ـ فيما بعد تجويزه البيع قبل الغليان ومنعه منه بعده ـ : «هو ذا نحن نبيع تمرنا ممّن نعلم أنّه يصنعه خمراً».
وعلى الأوسط منها : أنّ مفهوم قوله عليهالسلام : «إذا بعته قبل أن يكون خمراً وهو حلال فلا بأس» ثبوت البأس في بيعه بعد أن يكون خمراً لا ثبوته في بيعه بعد الغليان ، إلّا أن نقول بالملازمة بين الغليان والخمريّة ، وهي غير واضحة من الرواية لعدم تعليق نفي البأس على عدم الغليان بالنار فتأمّل. ولو سلّم فضعف هذه الرواية بعليّ بن أبي حمزة يمنع من التعويل عليها في الحكم المخالف للأصل والعمومات ، مع إمكان حملها على من يشتريه لشربه خمراً لا للتطهير بإذهاب ثلثيه.
المقصد الثاني : في المضاف المتنجّس بالملاقاة بجميع أنواعه من الجلاب والخلّ والعصير والدبس وغيره ممّا لا يقبل التطهير بالماء مع بقاء موضوعه وصدق عنوانه عليه ، ولا ينبغي الإشكال في بقاء ملكيّته وعدم انسلاخ الملك عنه بطروء النجاسة ولو بحكم الأصل واستصحاب الحالة السابقة الّذي هو من الاستصحاب مع الشكّ في رافعيّة العارض ، كما لا ينبغي الإشكال في حرمة استعماله في الأكل أو الشرب أو غيرهما من مشروط بالطهارة ، ولا في حرمة بيعه وشرائه في هذه الجهة المحرّمة.
وإنّما الكلام في مقامين آخرين :
أحدهما : جواز الانتفاع به في غير الأكل والشرب من الانتفاعات الاخر الغير المشترطة بالطهارة ، كسقي الدوابّ والتداوي بالطلي وغيره ممّا عدا الأكل والشرب.
وثانيهما : جواز بيعه بل مطلق التكسّب به في الانتفاعات الاخر المباحة.
أمّا المقام الأوّل : فتحقيقه مبنيّ على النظر في أنّ الأصل في المتنجّس الغير القابل للتطهير بالماء هل هو جواز الانتفاع به إلّا ما أخرجه الدليل ـ كالأكل والشرب والاستصباح بالدهن المتنجّس تحت الظلال كما نسب إلى أكثر المتأخّرين (١) واختاره
__________________
(١) كما في الإرشاد ١ : ٣٥٧ ، التحرير ٢ : ٢٥٧. الروضة ٣ : ٢٠٧ ، التنقيح ٢ : ٧.