الأشياء المذكورة واستعمالها في الانتفاعات الغير المتوقّفة على الطهارة ، والأصل في الجواز في الجميع الأصل بمعنى استصحاب الحالة السابقة وعموم «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» (١) وعمومات العقود مع عدم المخرج عنها من الأدلّة المانعة من التكسّب والاستعمال.
المقصد الثالث : في الأدهان المتنجّسة من السمن والشحم والزيت والبذر والشيرج وما أشبه ذلك.
والكلام فيها أيضاً يقع في جهات :
الجهة الاولى : أنّ الأدهان المملوكة لا يزول ملكها بعروض النجاسة استصحاباً بالحالة السابقة كما هو الحال في سائر المتنجّسات ، ولا نظنّ قائلاً بخلاف ذلك من الأصحاب ، من غير فرق فيه بين ما قابل التطهير بالماء مع بقاء موضوعه وغيره ولا بين ما ينتفع به بعد النجاسة نفعاً محلّلاً مقصوداً للعقلاء وغيره.
وتوهّم : الفرق بينهما بأنّ الثاني يدخل في عنوان ما لا نفع فيه مقصود للعقلاء وكما أنّ ذلك لا يعدّ مالاً فكذلك هذا ، يدفعه : الخلط بين المال والملك ، ولا ملازمة بين انتفاء الماليّة وانتفاء الملكيّة ، فإنّ المال ما يكون له قيمة في العرف والعادة ويبذل له العوض ، بخلاف الملك. والنسبة بينهما عموم من وجه ، لافتراق المال في الحبّة من الحنطة ، وافتراق الملك في المال الموصى به بعد موت الموصي وقبل قبول الموصى له ، وكذلك تركة المديون مع استيعاب الدين على القول بأنّه لا يملكها الورثة ، فالمتنجّس في الصورة المفروضة ملك وإن لم يكن مالاً.
الجهة الثانية : في جواز الانتفاع بها في غير مشروط بالطهارة بأن يعمل صابوناً أو يطلي به الأجرب أو السفن وما أشبه ذلك وعدمه. وينبغي هنا تأسيس أصل كلّي يعمّ فائدته لغير المقام من أنواع المتنجّس ممّا قدّمنا ذكره وغيره ، وهو أنّه هل الأصل في المتنجّس كائناً ما كان جواز الانتفاع إلّا ما خرج بالدليل كالأكل والشرب وغيرهما من الاستعمالات المشروطة بالطهارة ، أو أنّ الأصل عدم جواز الانتفاع أو الاستعمال إلّا
__________________
(١) البقرة : ٢٩.