بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت له : إنّ مولى لك يقال له إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات وحمل الثمن إليك وقد بعتهنّ وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم ، فقال : لا حاجة لي فيه إنّ هذا سحت ، وتعليمهنّ كفر ، والاستماع منهنّ نفاق ، وثمنهنّ سحت» (١) إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
وهذه النصوص كما قيل مبنيّة على الغالب وهو صورة قصد المشتري للغاية المحرّمة ، أو هي مع الصورة الاخرى وهي ما لو كان لوجود الصفة مدخليّة في نظرهما ، أو في المعاملة مدخليّة لزيادة الثمن ، وقصور أسانيدها ينجبر باستفاضتها ، مضافاً إلى أنّ أخذ نحو هذا الثمن وبذله أكل للمال بالباطل.
وتوهّم : أنّ شيئاً من الثمن مبذول بإزاء الصفة وهذا يقضي ببطلان العقد بالنسبة إلى الصفة لا الموصوف ، يدفعه : أنّ البيع لا وجود له إلّا وجود القيد ، وهذا الوجود الخاصّ ممّا لم يمضه الشارع ولا وجود للبيع في الموصوف سواه ، فالصحّة في الموصوف بدونها في الصفة غير صحيح ، هذا ولكن في كون مدخليّة الصفة في زيادة القيمة بحسب المعاملة وفي عادة النوع لا في نظرهما وجعلهما مقتضية للمنع والفساد نظر خصوصاً لو لم يكن للمشتري غرض في اشترائها إلّا الاستخدام وغيرها من المنافع المباحة ، بل منع ، فالأقرب حينئذٍ الجواز والصحّة.
المسألة الثالثة : في إجارة المسكن أو السفينة أو الحمولة للمحرّمات كعمل الخمر أو بيعه أو اقتنائه أو حمله وحمل الخنازير وما أشبه ذلك ، والظاهر أنّه لا خلاف بين الأصحاب في تحريم نحو هذه الإجارة وفسادها ، بل عن الشيخ وابن زهرة في الخلاف (٢) والغنية (٣) الإجماع على عدم صحّة إجارة المسكن ليحرز فيه الخمر وإجارة الدكّان ليباع فيه.
والمراد بالإجارة هنا على ما ينساق من كلماتهم أن يعتبر المنفعة المحرّمة بالخصوص عنواناً في الإجارة ومورداً للعقد سواء على وجه الركنيّة ـ كأن يقول :
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٢٣ / ٥ ، ب ١٦ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢١.
(٢) الخلاف ٣ : ٥٠٨.
(٣) الغنية : ٢٨٥.