ما يقصد به ما من شأنه أن يقصد به الحرام وإن لم يكن مقصوداً بالفعل حين عقد المعاوضة عليه ، وهذا بهذا العنوان الكلّي غير مذكور في كلام الأصحاب ، ولم يساعد على تحريمه على الوجه الكلّي أيضاً دليل ، بل الدليل في غالب موارده في عدم المنع والتحريم إذ ما من شيء من المبيعات إلّا ومن شأنه أن يقصد منه غاية محرّمة ، فلو كان ذلك مناطاً للمنع وتحريم المعاوضة لانسدّ باب أكثر عقود المعاوضة في غالب مواردها وأنّه باطل بالضرورة ، بل المذكور في كلامهم نوع خاصّ منه وهو بيع السلاح لأعداء الدين ، ولذا ذكر بعض مشايخنا (١) رحمهمالله بعد ما أخذ العنوان على الوجه الّذي ذكرناه : وتحريم هذا القسم مقصور على النصّ ، إذ لا يدخل ذلك تحت الإعانة خصوصاً مع عدم العلم بصرف الغير إيّاه في الحرام.
وكيف كان فكلمات الأصحاب في تحريم بيع السلاح لأعداء الدين من حيث الإطلاق والتقييد بأحد الوجوه الآتية مختلفة ، وأقوالهم فيه مضطربة متشتّتة :
فمنهم من أطلق القول بتحريمه كما في الشرائع (٢) وعزي إلى جماعة من القدماء كالشيخين في المقنعة (٣) والنهاية (٤) وسلّار (٥) والحلبي (٦) وغيرهم (٧) بل عن حواشي الشهيد (٨) أنّ المنقول أنّ بيع السلاح حرام مطلقاً في حال الحرب والصلح والهدنة ، لأنّ فيه تقوية الكافر على المسلم فلا يجوز على كلّ حال.
ومنهم من قيّده بأحد امور ثلاث : قصد الإعانة ، أو قيام الحرب ، أو التهيّؤ له كما في عبارة المسالك (٩).
وقد يقيّد بأحد القيدين الأوّلين على معنى كون التحريم إمّا في صورة الإعانة أو في حال الحرب. وربّما اكتفى في التقييد بقصد الإعانة فقط. وربّما اقتصر على قيام الحرب فقط.
وربّما اعتبر الأمران معاً على معنى الجمود في التحريم على صورة قيام الحرب مع
__________________
(١) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ١٤٧.
(٢) الشرائع ٢ : ٩.
(٣) المقنعة : ٥٨٨.
(٤) النهاية : ٣٦٥.
(٥) المراسم : ١٧٠.
(٦) الكافي في الفقه : ٢٨٢.
(٧) كما في السرائر ٢ : ٢١٦ ، وفي كشف الرموز ١ : ٤٣٩.
(٨) حاشية الشرائع : ٣٢٦.
(٩) المسالك ٣ : ١٢٣.