قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

ينابيع الأحكام [ ج ٥ ]

ينابيع الأحكام

ينابيع الأحكام [ ج ٥ ]

تحمیل

ينابيع الأحكام [ ج ٥ ]

210/935
*

كونه اسماً مطلقاً موضوعاً للصوت الّذي هو عرض من مقولة الكيف أو اسم مصدر بمعنى التغنّي كالوضوء للتوضّؤ والغسل للاغتسال والسلام للتسليم والكلام للتكليم ، أو مصدراً وإن لم يأت من جنسه فعل بل الفعل من هذه المادّة إنّما أتى من باب التفعّل ومن باب التفعيل كما ضبطه صاحب القاموس ، إلّا أنّ أرجح الاحتمالات هو الأخير نظراً إلى قاعدة الاشتقاق فإنّ بابي التفعّل أو التفعيل من هذه المادّة لا بدّ وأن يؤخذ من مصدر مجرّد ، ولا بدّ وأن يكون لهما مبدأ حدثي يكون من المصادر المجرّدة ولا يصلح له إلّا لفظ الغناء فيكون مصدراً ، فلا بدّ وأن يكون قد اخذ في معناه معنى حدثي يكون من مقولة الفعل ، وهو لا يخلو عن أحد الامور المذكورة.

ويؤيّد كونه مصدراً أيضاً صحّة تعلّق التحريم وغيره من الأحكام التكليفيّة ، فإنّها وإن احتمل كونها منوطة بتقدير فعل إلّا أنّ الأصل عدم التقدير.

ويؤيّده أيضاً أنّه عبّر عنه في عدّة آيات من الكتاب العزيز بما هو ظاهر في الفعل كقول الزور في قوله : «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» (١) و لَهْوَ الْحَدِيثِ في قوله تعالى : «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ» (٢) الآية ، واللغو في قوله تعالى : «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» (٣) لما ورد في الروايات من تفسير هذه الألفاظ بالغناء ، وهي ظاهرة المعاني الحدثيّة المصدريّة فيكون الغناء أيضاً مصدراً فتأمّل.

وكيف كان ففي كلام جماعة من الأصحاب إحالة معرفة حقيقة الغناء واستعلام ما اخذ في مفهومه من الخصوصيّات كرفع الصوت ومدّه وحسنه وترجيعه والتطريب به إلى العرف ، لمكان قولهم «أو ما يسمّى في العرف غناء» كما في المسالك (٤) والروضة (٥) والرياض (٦) وغيرها (٧).

وهذا في خصوص هذا اللفظ لا يخلو في بادئ النظر عن إشكال ، لعدم إمكان التوصّل إلى عرف العرب القحّ وهم الممحضون في العربيّة ولم يخالطهم العجميّة ، وعدم

__________________

(١) الحجّ : ٣٠.

(٢) لقمان : ٦.

(٣) المؤمنون : ٣.

(٤) المسالك ٣ : ١٢٦.

(٥) الروضة ٣ : ٢١٢.

(٦) الرياض ٨ : ١٥٥. (٧) كما في التنقيح ٢ : ١١.