وأمّا ما رواه في الفقيه مرسلاً قال : «سأل رجل عليّ بن الحسين عليهالسلام عن شراء جارية لها صوت؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكّرتك الجنّة يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل الّتي ليست بغناء ، فأمّا الغناء فمحظور» (١). فعدم منافاته واضح لا يحتاج إلى البيان ، فإنّ مطلق الصوت لا يلازم الغناء ، ولذا ذكر الصدوق أو الراوي في تفسيره ما ذكر بناءً على كونه من أحدهما كما هو الظاهر.
وأمّا الثاني : فقد استثني من تحريم الغناء امور:
منها : الغناء في قراءة القرآن ، استثناه في الكفاية حيث جعله أحد وجهي الجمع بين ما دلّ من الروايات على التحريم بقول مطلق وما توهّم دلالته منها على جوازه بل استحبابه في القرآن ، فذكر الروايات الدالّة على مدح الصوت الحسن واستحبابه في القرآن حيث قال
وصرّح المحقّق (٢) وجماعة (٣) ممّن تأخّر عنه بتحريم الغناء ولو كان في القرآن ، لكن غير واحد من الأخبار يدلّ على جوازه بل استحبابه في القرآن بناءً على دلالة الروايات على حسن الصوت والتحزين والترجيع في القرآن بل استحبابه ، والظاهر أنّ شيئاً منها لا يوجد بدون الغناء على ما استفيد من كلام أهل اللغة وغيرهم وفصّلناه في بعض رسائلنا. ففي مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليهالسلام «إنّ القرآن نزل بالحزن فاقرءوه بالحزن» (٤) وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الله أوحى إلى موسى بن عمران إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير ، وإذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين» (٥) وعن حفص قال : «ما رأيت أحداً أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر ، ولا أرجى للناس منه ، وكانت قراءته حزناً ، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنساناً» (٦). وفي رواية عبد الله بن سنان «اقرءوا القرآن بألحان العرب وأصواتها» (٧) وفي
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٢٢ / ٢ ، ب ١٦ ما يكتسب به ، الفقيه ٤ : ٤٢ / ١٣٩.
(٢) الشرائع ٢ : ١٠.
(٣) كما في المسالك ٣ : ١٢٦ ، وجامع المقاصد ٤ : ٢٣ ، والمكاسب ١ : ٣١٠.
(٤) الوسائل ٦ : ٢٠٨ / ١ ، ب ٢٢ قراءة القرآن ، الكافي ٢ : ٤٤٩ / ٢.
(٥) الوسائل ٦ : ٢٠٨ / ٢ ، ب ٢٢ قراءة القرآن ، الكافي ٢ : ٤٥٠ / ٦.
(٦) الوسائل ٦ : ٢٠٨ / ٣ ، ب ٢٢ قراءة القرآن ، الكافي ٢ : ٤٤٣ / ١٠.
(٧) الوسائل ٦ : ٢١٠ / ١ ، ب ٢٤ قراءة القرآن ، الكافي ٢ : ٤٥٠ / ٣.