مبنيّ على توهّم انحصار الطرب في السرور كما حكاه صاحب القاموس قولاً وزيّفه. وفيه : أوّلاً منع الانحصار وإن غلب إطلاقه في هذه الأعصار وغيرها في السرور ، وثانياً ما عرفت من أنّ الحزن الحاصل من الغناء ليس هو الحزن المطلوب في الرثاء.
ومنها : غناء المغنّية في الأعراس إذا لم يكن معه اللعب بآلات اللهو والتكلّم بالأباطيل ودخول الرجال ، وقيل : المشهور استثناؤه. وعن صريح الحلّي (١) والعلّامة في التذكرة (٢) وظاهر المفيد (٣) والحلبي (٤) والديلمي (٥) المنع منه.
ومستند المشهور ما تقدّم من روايتي أبي بصير الدالّتين على «إباحة أجر المغنّية الّتي تزفّ العرائس وليست بالّتي يدخل عليها الرجال» نظراً إلى الملازمة بين إباحة الأجر وإباحة الفعل. ومنع الملازمة غير سديد ، كما أنّ دعوى كون الأجر لمجرّد الزفّ لا للغناء غير سديد. وهذا القول جيّد لقوّة دليله.
وتوهّم القصور في سند الروايتين من جهة أبي بصير لاشتراكه بين الثقة وغير الثقة ـ مع أنّ إطلاقه كما حقّق في محلّه ينصرف إلى الثقة ، مضافاً إلى منع دخول غير الثقة في هذا الاسم كما عن بعضهم تعليلاً بأنّ أبا بصير مشترك بين ثلاثة وكلّهم أجلّاء ثقات ولا رابع لهم ـ يندفع بانجباره بالشهرة لو كانت مستندة إلى الروايتين. ومع هذا فطريق الاحتياط واضح.
وعلى الجواز فشرطه ـ كما صرّح به في الروايتين ـ عدم دخول الرجال عليهنّ لاستماع الغناء منهنّ ، وأمّا الشرطان الآخران فلم يصرّح بهما في الروايتين فاعتبارهما يحتاج إلى دليل ، وحرمة اللعب بالملاهي لا تستلزم حرمة ما اقترن بها ، وكذلك التكلّم بالباطل إن سلّمنا حرمته مطلقاً. إلّا أن يقال : إنّ العذر المقطوع بخروجه من عمومات تحريم الغناء ومطلقاته ما اشتمل على الشروط الثلاث ، والباقي باقٍ تحت العموم والإطلاق ، هذا مضافاً إلى طريقة الاحتياط.
ومنها : الحُداء بالضمّ كدعاء ، وهو صوت ترجّع فيه للسير بالإبل ، وفي المسالك (٦)
__________________
(١) السرائر ٢ : ٢٢٢.
(٢) التذكرة ١ : ٥٨٢.
(٣) المقنعة : ٥٨٨.
(٤) الكافي في الفقه : ٢٨١.
(٥) المراسم : ١٧٠.
(٦) المسالك ٣ : ١٢٦.