العمل محرّماً.
الثالث : العمل لهم من غير أن يعدّ من أعوانهم كخياطة ثيابهم والبناء لهم والكتابة لهم ونحو ذلك بأُجرة أو تبرّعاً.
أمّا القسم الأوّل : فحكمه التحريم بلا خلاف ، بالأدلّة الأربع من الإجماع بقسميه.
والعقل المستقلّ فإنّه كما يستقلّ بإدراك قبح الظلم فكذلك يستقلّ بإدراك قبح المعونة للظالم في ظلمه ، بل لك أن تقول : إنّه من الظلم نفسه ، كما حكي «أنّه قيل لبعض : إنّي رجل أخيط للسلطان ثيابه فهل تراني بذلك داخلاً في أعوان الظلمة؟ قال : المعين من يبيعك الإبر والخيوط ، وأمّا أنت من الظلمة أنفسهم» (١).
والكتاب لعموم قوله عزّ من قائل : «وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» (٢) ونحو قوله تعالى : «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ» (٣) فإنّ محبّتهم أو الميل إليهم أو محبّة بقائهم إذا حرم فمعونتهم على الظلم أولى بالتحريم.
والسنّة كالمستفيضة الدالّة على ذمّ أعوان الظلمة ، مضافة إلى خصوص الصحيح عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في حديث قال : «إيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين» (٤). ورواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «العالم بالظلم ، والمعين له ، والراضي به ، شركاء ثلاثتهم» (٥). والمرويّ عن كتاب عقاب الأعمال بإسناده عن السكوني عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث قال : «من تولّى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنّم ، وبئس المصير» (٦).
والمرويّ عن كتاب ورّام بن أبي فراس قال : «قال عليهالسلام : من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام ، قال : وقال عليهالسلام : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الظلمة ، أين أعوان الظلمة ، أين أشباه الظلمة ، حتّى من برى لهم قلماً ، ولاق لهم
__________________
(١) المكاسب ٢ : ٥٨ ، التحفة السنيّة في شرح النخبة المحسنيّة : ٥٧.
(٢) المائدة : ٢.
(٣) هود : ١١٣.
(٤) الوسائل ١٧ : ١٧٧ / ١ ، ب ٤٢ ما يكتسب به ، الكافي ٨ : ١٤ / ٢.
(٥) الوسائل ١٧ : ١٧٧ / ٢ ، ب ٤٢ ما يكتسب به ، الكافي ٢ : ٣٣٣ / ١٦.
(٦) الوسائل ١٧ : ١٨١ / ١٤ ، ب ٤٢ ما يكتسب به ، عقاب الأعمال : ٣٣١.