النوع الرابع
النوح بالباطل
وأصل النوح ذكر الميّت بأوصاف ومدائح على وجه الندبة والتفجّع ، فإن لم يكن فيه هذه الأوصاف والمدائح كان نوحاً بالباطل ، ولذا فسّر الباطل هنا بالكذب ، وإن كانتا فيه كان نوحاً بالحقّ ، وموضوع المسألة هو الأوّل ، وهو محرّم في نفسه عند الأكثر ، وإنّما قيّدناه بالأكثر لأنّ من الأصحاب كالشيخ في ظاهر المبسوط (١) وابن حمزة في الوسيلة (٢) من منع من النوح على الميّت مطلقاً عملاً بظاهر روايات دالّة عليه بإطلاقها وعن الأوّل دعوى الإجماع عليه ، خلافاً للأكثر ففصّلوا بينهما بالمنع في الأوّل وعن المنتهى (٣) الإجماع عليه والجواز في الثاني ، وعن المنتهى الإجماع عليه أيضاً جمعاً بين الأخبار المختلفة بالمنع والتجوّز. والظاهر أنّ النياحة على أهل بيت العصمة من النبيّ والصدّيقة والأئمّة عليهمالسلام لأنّ الجواز بل الاستحباب فيه معلوم بالضرورة من المذهب (٤) وعلى هذا فالاستدلال للجواز بالموثّق عن أبي عبد الله قال : «قال لي أبي : يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى» (٥) ليس على ما ينبغي لأنّ الجواز في مورد الموثّقة ليس من محلّ البحث.
وكيف كان فمن الأخبار المانعة ما في حديث المناهي «إنّه نهى عن النياحة
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٨٩.
(٢) الوسيلة : ٦٩.
(٣) المنتهى ٢ : ١٠١٢.
(٤) كذا في الأصل.
(٥) الوسائل ١٧ : ١٢٥ / ١ ، ب ٤٢ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١١٧ / ١.