النوع السادس
هجاء المؤمنين
وهو حرام بالأدلّة الأربع ، أمّا الإجماع فبقسميه كما في كلام بعض مشايخنا (١) وممّن ادّعى الإجماع عليه ـ كما حكي ـ كاشف اللثام (٢) تبعاً للعلّامة في المنتهى (٣) وعنه في التذكرة (٤) نفي الخلاف فيه.
وأمّا العقل فلاستقلاله بقبح الهجاء.
وأمّا الكتاب فآيات ، منها : قوله تعالى : «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» (٥) وهما على ما قيل بمعنى واحد وهو من يعيبك ، وقيل : الأوّل من يعيبك بوجهك والثاني من يعيبك بغيبك.
ومنها : قوله تعالى : «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ» (٦) فإن جعلنا الهجاء نوعاً من الغيبة غاية الأمر كونها أخصّ أفراده وأظهرها يشمله النهي الصريح في صدر الآية ، وإن لم نجعله منها يدلّ على حرمته قوله «أيحبّ أحدكم أن يأكل ...» الخ الّذي هو بمنزلة التعليل ، فإنّه مبنيّ على الاستعارة والتشبيه كما قيل ، حيث شبّه المؤمن بالأخ النسبي وعرضه بلحم الأخ ، والتعرّض لعرضه بالهجاء أو الغيبة بأكل لحمه وغيبته بموته ، والمقصود من هذه التشبيهات بيان مشاركة هجاء المؤمن واغتيابه لأكل لحم الأخ النسبي بعد موته في شدّة القبح والعقوبة ، فكما أنّ المشبّه به ممّا يكرهه النفوس وينكره العقول فكذلك المشبّه.
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٦٠.
(٢) كشف اللثام ١٠ : ٢٩٤.
(٣) المنتهى ٢ : ١٠١٣.
(٤) التذكرة ١٢ : ١٤٤.
(٥) الهمزة : ١.
(٦) الحجرات : ١٢.