أخيك لا لكون المفهم لساناً فإنّه علّة مستنبطة لا عبرة بها ، ولو سلّم الاعتبار فأقصاه الإلحاق في الحكم لا في الاسم.
وأضعف من الجميع الاستدلال بأنّ القلم أحد اللسانين ، فإنّ هذه القضيّة ممّا لم يعلم لها أصل في النصوص فلا عبرة بها ، ولو سلّم فمعناه أنّ القلم لسان حكمي فالتثنية من باب التغليب على حدّ القمرين.
الأمر الثاني : يعتبر في الغيبة غياب المغتاب وعدم حضوره بحيث يسمع ما ذكر فيه ويفهمه كما يقتضيه مادّة هذا اللفظ ، وفاقاً لما في المستند من «أنّها أن يذكر إنسان من خلفه بما هو فيه من السوء ، فلو لم يكن من خلفه لم يكن غيبة كما هو مقتضى مادّة اللفظ» (١) وقبله المحقّق والشهيد الثانيين ، وقضيّة كلام الثاني في كشف الريبة كونه مشهوراً» (٢) وهو موافق لصريح النهاية الأثيريّة (٣) والصحاح (٤) والمجمع (٥) بل ظاهر الآخرين لشهادة ذكرهم هذه اللفظة في مادّة الغيب ، ومن الواجب سريان ما يعتبر في المبدأ في المشتقّ. هذا كلّه مع شهادة العرف وعدم صدق الاسم عرفاً مع الحضور ، فإن ذكره بعيوبه في حضوره شتم وسبّ. فلا ينافي عدم كونه غيبة كونه محرّماً بل أغلظ تحريماً كما نصّ عليه المحقّق المتقدّم ذكره ، فإنّه على ما حكي بعد ما عرفت من تعريفه بعد جملة كلام له قال : «لو ذكره في حضوره بما يكرهه فهو أغلظ تحريماً ، وإن لم يكن غيبة» (٦).
ولكن الظاهر أنّ الغياب أعمّ من الحقيقي لعدم حضوره في مجلس الغيبة والحكمي كالحاضر الغير السامع لصمم أو نوم أو وقوعها بطريق النجوى والسامع الغير الفاهم كالعربي القحّ الّذي لا يفهم اللغة العجميّة أصلاً والعجمي القحّ الّذي لا يفهم اللغة العربيّة كذلك إذا وقعت الغيبة بغير لغته ، لصدق اسم الغيبة وعدم صحّة سلبه.
الأمر الثالث (٧) : يعتبر فيها أن يكون ما يذكر في غيابه سوءاً وذمّاً ، فلو ذكر بما فيه من المدح ـ ككونه متهجّداً أو زاهداً أو ورعاً أو غير ذلك من المحامد والمحاسن ـ
__________________
(١) المستند ١٤ : ١٥٩.
(٢) كشف الريبة : ٥١.
(٣) النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٩٩.
(٤) الصحاح ١ : ١٩٦.
(٥) المجمع البحرين ٢ : ١٣٤٤.
(٦) كشف الريبة : ٥١.
(٧) في الأصل : الثاني ، والصواب ما أثبتناه.