ذكر لعيبه سواء كره وجود العيب أو لا ، وظهوره أو لا ، وكان ذكره على وجه الإظهار أو لا ، تضمّن قصد الذمّ أو الانتقاص أو الإهانة أو لا ، أشعر بالذمّ أو لا ، فإنّ الجميع من الغيبة المحرّمة عدا ما استثني ، نعم لا نضايق كون عروض إحدى الحيثيّات المذكورة موجباً لشدّة قبحها وغلظة حكمها.
الأمر الثامن : ممّا يعتبر في مفهوم الغيبة تعيين المغتاب على معنى كونه شخصاً معيّناً بحيث يصدق في حقّه أنّه ذكر بما يكرهه أو يغمّه أو أنّه ذكر بعيب أو صفة ذمّ لو سمعه يكرهه أو يغمّه لو سمعه ، لأنّه الظاهر المتبادر من جميع ما تقدّم من تعريفاته وتفاسيره.
ولعلّ وجهه كون التعيين من ضروريّات صدق الإسناد في جملة «سمعه ويكرهه ويغمّه ويسوؤه» وإن شئت قلت : إنّه ظهور من الهيئة التركيبيّة لكلّ تعريف.
فلو ذكر عيباً لمبهم أو وصفه بما هو نقص فإن كان ذلك المبهم من المجهول المطلق كما لو قال : سأُنبّئك أو سأُخبر لك عن رجل فاسق أو بخيل أو لئيم أو شحيح أو سارق أو زانٍ أو نحو ذلك من غير قصد إلى معيّن ولا معرفة تعيين ، فلا ينبغي الاسترابة في عدم اندراجه في الغيبة إذ لا أحد هنا يكره ذلك لو سمعه.
وإن كان من قبيل مطلق المجهول بأن يكون الجهالة عند السامع فقط مع كونه معلوم العين للقائل ، كأن رأيت رجلاً فاسقاً أو بخيلاً جاءني رجل فاسق أو بخيل أو نحو ذلك ، وهو معيّن عنده بقرينة المضيّ ، فالظاهر اندراجه فيها لوضوح أنّه لو سمع أنّه ذكره بعيبه على هذا الوجه لكرهه ، ولصدق قوله عليهالسلام : «ذكرك أخاك بما يكرهه».
ومن ذلك ينقدح أنّ التعيين المعتبر في مفهوم الغيبة أعمّ منه عند القائل والسامع وعند القائل فقط ، ولو قال : أحد هذين الرجلين أو واحد منهما أو أحد هؤلاء الجماعة أو أهل هذه القبيلة أو أهل هذه القرية أو هذا البلد فاسق أو دنيّ أو شرور أو ديّوث أو نحو ذلك ، فربّما يشكّك في كونه غيبة.
والتحقيق هو التفصيل بين إرادة مصداق الأحد أو الواحد الّذي هو معيّن خارجي عنده سواء عرف السامع أيضاً تعيينه أو لا ، وبين إرادة المفهوم الّذي يقال له الفرد المنتشر والفرد الشائع لصدقه على كلّ واحد على البدل ، فعلى الأوّل يندرج فيها ظاهراً لأنّ ذلك المصداق المعيّن لو سمع أنّ القائل ذكره بعيبه على هذا الوجه أي قاصداً لتعيينه