بهذه العبارة لكرهه ولصدق أنّه ذكر أخاه بما يكرهه ، وأمّا الثاني فالوجه فيه عدم الاندراج لأنّ كلّاً منهما أو منهم إذا سمع هذه العبارة على الوجه الّذي صدر من قائلها أي وقف على أنّه لم يقصد تعيينه يردّها عن نفسه بأنّه ما قصدني بالخصوص فلا يكرهها.
ويمكن تفصيل آخر بين انحصار المتّصف بهذه الصفة الذميمة في واحد فيندرج فيها حينئذٍ لأنّه يكره هذا الذكر إذا سمعه مع علمه بانحصار المفهوم فيه ولا سبيل له إلى ردّه عن نفسه لأنّ إرادة المفهوم المنحصر في مصداق واحد كإرادة نفس المصداق ، وبين عدم انحصاره فيه فلا يندرج لمكان ردّ كلّ عن نفسه بأنّه ما قصدني فلا يكرهه بهذا الاعتبار.
الأمر التاسع : قيل يعتبر الحصر في الغيبة ، حكاه في جامع المقاصد قائلاً : «ويوجد في كلام بعض الفضلاء أنّ من شرط الغيبة أن يكون متعلّقها محصوراً ، وإلّا فلا تعدّ غيبة ، فلو قال عن أهل بلدة غير محصورة ما لو قال عن شخص واحد كان غيبة لم يحتسب غيبة» (١).
واعترض عليه بعض مشايخنا قدسسرهم «بأنّه إن أراد أنّ ذمّ جمع غير محصور لا تعدّ غيبة وإن قصد انتقاص كلّ منهم كما لو قال : أهل هذه القرية أو هذه البلدة كلّهم كذا وكذا ، فلا إشكال في كونها غيبة محرّمة ، ولا وجه لإخراجه عن موضوعها أو حكمها. وإن أراد أنّ ذمّ المتردّد بين غير المحصور لا تعدّ غيبة فلا بأس به» (٢).
أقول : كأنّه أراد بالمتردّد بين غير المحصور ما لو قال : «بعض أهل هذه البلدة أو جماعة أو جمعاً أو واحداً منهم كذا وكذا» وأراد به بعضاً مبهماً أو جماعة مبهمة أو واحداً مبهماً على سبيل الإشاعة فما ذكره قدسسره حينئذٍ في محلّه إلّا أنّه من فروع اعتبار التعيين لا من فروع اعتبار الحصر. وأمّا لو اريد به شخصاً معيّناً أو واحداً معيّناً أو جماعة معيّنة فإخراجه عن الغيبة موضوعاً أو حكماً غير سديد كما ذكرناه.
ولو قال : أهل هذه البلدة لئام أو فسّاق ، وأراد به الغالب منهم من دون قصد تعيين آحاد الغالب لا تعدّ غيبة لانتفاء الكراهة حينئذٍ.
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٢٧.
(٢) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ٣٣٤.