عظيماً ، وبأنّ في تشريع الجواز مظنّة ردع للظالم وهي مصلحة خالية عن مفسدة فيثبت الجواز لأنّ الأحكام تابعة للمصالح هذا ، ولكن العمدة من أدلّة المسألة هو الآية.
الثالث : الاستفتاء ، وفسّر بأن يقول للمفتي : ظلمني فلان حقّي ، فكيف طريقي في الخلاص؟ كما في كلام بعض مشايخنا (١) أو فما حيلتي؟ أو ما تقول في حكمي؟ أو ما تحكم بيني وبينه؟ كما ذكره بعض (٢) آخر.
ويشكل بأنّه غير خارج عن التظلّم المتقدّم حكمه ودليله وهو الآية ، فإنّه لا فرق في إطلاقها بين كونه للتشفّي أو طلباً لطريق التخلّص عن ظلم الظالم أو رفعه وإزالته فيندرج فيه المعنى المذكور للاستفتاء فلا وجه لعدّه نوعاً آخر قسيماً له.
ولو فسّر بذكر معصية الخائض فيها طلباً لطريق حسم مادّة الفساد والردع عن محارم الله تعالى ـ كأن يقول : فلان أو جاري أو أخي يشرب الخمر أو يزني أو يسرق أو يقامر أو نحو ذلك فما أصنع فيه ، أو كيف نمنعه؟ أو غير ذلك ممّا يؤدّي مؤدّى طلب الفتوى على معنى حكم المفتي وبيانه لطريق المنع ـ كان أسدّ كما هو شائع الوقوع.
وحينئذٍ فالظاهر جواز ما تضمّنه من الغيبة وإشاعة السوء ، ودليله صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إنّ امّي لا تدفع يد لامس ، فقال : احبسها ، فقال : قد فعلت ، فقال : فامنع من يدخل عليها ، قال : قد فعلت ، قال عليهالسلام : فقيّدها ، فإنّك لا تبرّها بشيء أفضل من أن تمنعها عن محارم الله عزوجل» (٣) والمناقشة بظهورها في كون المورد من المتجاهر ، يدفعها عموم التعليل المفيد لكون مصلحة المنع عن محارمه تعالى أقوى من مصلحة برّ الوالدين المأمور به عقلاً ونقلاً كتاباً وسنّة ، بل يدلّ على أنّه أفضل أفراد البرّ ، ويستفاد منه أيضاً أنّ المدار في الترجيح على الأفضليّة ، ويدلّ الرواية باعتبار التقرير على جواز الاستفتاء بالمعنى المذكور المتضمّن للغيبة وذكر المؤمن بسوئه ، ولكن ينبغي تقييده بصورة ما لو لم يحصل الغرض من الاستفتاء إلّا بتعيين المغتاب والتصريح باسمه. فلو حصل الغرض بذكره مبهماً
__________________
(١) المكاسب ١ : ٣٥٢.
(٢) انظر كشف الريبة : ٣٠٠.
(٣) الوسائل ٢٨ : ١٥٠ / ١ ، ب ٤٨ من أبواب حدّ الزنا ، الفقيه ٤ : ٧٢ / ٥١٤٠.