الأئمّة عليهمالسلام إلى أعصارنا هذه ، فتكشف عن رضاهم وتقريرهم بل أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحكومات بإحضار من يعرف الشهود بتزكية أو جرح ، مضافاً إلى عمومات الأمر بإقامة الشهادات والنهي عن كتمانها كتاباً وسنّة ، وإلى ما قيل من أنّ مصلحة عدم الحكم بشهادة الفاسق أولى من مصلحة الستر على الشاهد. ولكن يعتبر في محلّ الجواز امور : الأوّل كون الجرح عند الحاكم لا غير. الثاني استدعاؤه وطلبه ، ومرجعه إلى عدم التبرّع بالشهادة. الثالث الاقتصار في إظهار الفسق على ما يحصل به الغرض من الجرح وعدم التعدّي إلى ما زاد ، ومرجعه إلى عدم إحصاء عيوب الشاهد وفسوقه ، فإنّ القدر المقطوع بخروجه من عمومات تحريم الغيبة وإشاعة الفاحشة في «الّذين آمنوا» هو ما اجتمع فيه الشروط الثلاث دون غيره ممّا انتفى فيه الشروط وحدانيّاً أو ثنائيّاً أو ثلاثيّاً.
وأمّا الثاني : فجوازه أيضاً معلوم بالإجماع منقولاً ومحصّلاً كما يظهر للمتتبّع في سيرة العلماء وعملهم قديماً وحديثاً خلفاً عن سلف من لدن أعصار الأئمّة عليهمالسلام حيث كانوا يتعرّضون لأحوال رواة الحديث بذكر مناقبهم وعيوبهم ومدائحهم وذمائمهم وتعديلهم وجرحهم وتفسيقهم ورميهم بالتخليط وفساد المذهب وعدم الاستقامة وفساد العقيدة من غير نكير حتّى في أعصار الأئمّة عليهمالسلام مع اطّلاعهم عليهمالسلام وتقريرهم حتّى أنّ المتصدّين لهذا الشأن وضعوا لذلك فهارست ورسائل وكتباً كما يعلم ذلك بملاحظة كتب الرجال الموضوعة في هذه الصناعة ، وكونها مرجعاً لأهل الحلّ والعقد في مقام الاستنباط وتشخيص المقبول من الروايات عن مردودها وتمييز ما يترجّح منها في مقام التعارض على غيره ، أو لإحراز التعادل بين المتعادلين ، فهذا كلّه يكشف كشفاً ضروريّاً عن كون هذه الطريقة ممّا رضي به الأئمّة عليهمالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الله عزوجل ، فهذا الإجماع العملي ضروريّ من أهل الحلّ والعقد من أهل الحقّ والباطل ، فهو من ضروريّات العلماء وإن لم يبلغ حدّ الضرورة عند كافّة الناس.
مضافاً إلى ما قيل : من أنّ مفسدة العمل برواية الفاسق أعظم من مفسدة الشهادة بفسقه وإشاعة عيبه ونقصانه ، ويجوز فيه التبرّع بها أيضاً بل قيل : يستحبّ ذلك ، فيجوز الجرح للراوي على الإطلاق.
السابع : الشهادة عند الحاكم بالقتل أو شرب الخمر أو الزنا أو اللواط أو السرقة أو