جملة مراتبهما المختلفة على ما ستعرفه.
الثامن : ما يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا تحقّق شرائطه ، من الأمن عن الضرر ووقوع الفتنة واحتمال التأثير وتوقّف انتهائه عمّا عليه من ترك الواجب أو ارتكاب المحرّم على اغتيابه وذكره بمعصيته في المجالس والمحافل على قدر ما يحصل به الغرض مع انحصار طريقه فيه ، فإنّه جائز بل واجب لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، على معنى حمل تارك الواجب على فعله وردع فاعل الحرام عن فعله ، لا المعنى المعروف المصطلح الاصولي نظراً أنّ مصلحة ذلك أعظم من مصلحة احترام المؤمن ، وأنّ مفسدة اغتيابه بذكر منكره أهون من مفسدة بقائه على منكره.
كما أنّه قد يجوز بل يجب في موضع توقّف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الانحصار بعض المحرّمات ، من إيذاء المؤمن بالقول الخشن أو ضربه أو جراحه أو قتله على القول بجواز كلّ منهما ، أو أوّلهما لحسم مادّة العصيان مع مراعاة الترتيب على وجه الأيسر فالأيسر ، نظراً إلى أنّها تتدرّج على حسب ما يحصل به الغرض ، ويعتبر في محلّ الاستثناء أن لا يكون قاطعاً بعدم التأثير ، سواء كان قاطعاً بالتأثير أو محتملاً له احتمالاً مساوياً أو راجحاً أو مرجوحاً.
التاسع : التفضيل ذكره الشيخ في شرحه للقواعد (١) والمراد به تفضيل بعض العلماء والمجتهدين على بعض ، نقول : إنّ فلاناً أعلم من فلان أو أفقه منه أو أفضل منه ، فإنّه يتضمّن ذكر المفضّل عليه بصفة المفضوليّة الّتي هي نوع عيب ومنقصة فيه ، ربّما يكره ذكره بهذا العيب وتلك المنقصة فيكون اغتياباً له ، فاندراج التفضيل في الغيبة باعتبار ما تضمّنه لا في نفسه.
والعمدة بيان الوجه في استثنائه وتفصيل القول فيه : أنّ التفضيل إمّا أن يكون في موضع الحاجة إليه ـ لتوقّف حقّ ديني أو دنيوي عليه ، ككونه لمن يريد التقليد ولا يعرف الأعلم من المجتهدين عن غيره ، بناءً منه على وجوب تقليد الأعلم أو على العمل بالاحتياط أخذاً بالقدر المتيقّن ممّا يوجب البراءة ، أو لمن يريد معرفة الموقوف
__________________
(١) شرح القواعد ١ : ٢٢٩.