ذكر الرواة والمحدّثين وقد ورد في كثير من الأخبار ، فالسيرة والإجماع والأخبار شاهدة بذلك كما نقل عن شرح القواعد (١).
والكلّ منظور فيه ، فإطلاق الجواز محلّ منع ، بناءً على ما تقدّم من عدم اعتبار المستوريّة في موضوع الغيبة ، ولو سلّم فغايته خروج ذكره باللقب أو الصفة المعروفين المشعرين بالذمّ عن كونه غيبة ، وهذا بمجرّده لا يلازم الجواز ، لأنّ الشيء قد يحرّم لكونه إيذاءً للمؤمن ، وقد يحرّم لكونه بهتاناً ، كما قد يحرّم لكونه غيبة. والتفصيل بين صورتي العلم برضا صاحبه فيجوز وعدمه فلا ، غير واضح أيضاً ، لأنّ كون رضا صاحب الغيبة مبيحاً لغيبته على ما ستعرفه أوّل الكلام.
فعن ثاني الشهيدين في رسالته في الغيبة من التفصيل بين الأموات فيجوز ذكرهم بنحو الصفة المذكورة لضرورة التعريف والأحياء فلا يجوز والفارق هو أنّ عادة العلماء جارية في الأوّل لذكرهم الرواة والمحدّثين بالأوصاف المذكورة دون الثاني فلا بدّ فيه من رضا المغتاب ، أيضاً غير واضح.
نعم لو كانت الضرورة المفروضة في التعريف بنحو ما ذكر ما لو توقّف واجب شرعي على التعريف وكان في نظر الشارع من أهمّ الواجبات بحيث يكون مصلحته راجحة على مصلحة احترام المؤمن مع انحصار طريقه فيه لم يكن حجر في جوازه حينئذٍ ، كما أنّه لا حجر في الجواز أيضاً في ذكره بالاسم أو اللقب المذموم بحسب الأصل الّذي زال منه الإشعار بالذمّ بسبب الاشتهار وكثرة التداول ، أو بأن يكون الصفة المذمومة ثابتة لسوابقه من آبائه أو أجداده لا لنفسه ، والمناط صيرورته بحيث لا يكره ذكره بهذا الاسم واللقب المعروف أو الصفة المعروفة.
وقد يذكر في المستثنيات أشياء اخر دليل استثنائها غير تامّ.
وينبغي ختم باب الغيبة بإيراد امور مهمّة :
أوّلها : في أنّ رضا المغتاب باغتيابه هل يكون مبيحاً للاغتياب أو لا؟ ولم نقف في كلام الأكثر على نصّ في ذلك بل أطلقوا الحكم بالتحريم ، غير أنّه نسب إلى الشيخ في
__________________
(١) شرح القواعد ١ : ٢٢٧.