يغفر صاحبه» (١) بتقريب أنّ العفو إذا كان رافعاً لاستحقاق العقوبة على الغيبة بعد وقوعها جاز أن يكون الرضا قبل وقوعها دافعاً له ولا يكون إلّا إذا لم يحرم بل بطريق أولى لأنّ الدفع أهون من الرفع.
وفي الكلّ نظر ، وبعد اللتيّا والّتي فغاية ما يسلم أنّ رضا المغتاب يوجب سقوط حقّه ، فالوجه أنّه لا يوجب إباحتها لعدم دليل عليها.
وثانيها : المعروف من مذهب الأصحاب حرمة استماع الغيبة ، والظاهر أنّه إجماعي بل في كلام غير [واحد] من مشايخنا (٢) بلا خلاف ، واستدلّ عليه بالمرسل عن النبيّ صلىاللهعليهوآله «المستمع أحد المغتابين» (٣) والآخر عن عليّ عليهالسلام «السامع للغيبة أحد المغتابين» (٤) وفي كتاب جامع الأخبار قال عليهالسلام : «ما عمّر مجلس بالغيبة إلّا خرّب من الدين ، فنزّهوا أسماعكم من استماعها ، فإنّ القائل والمستمع لها شريكان في الإثم» (٥) وفي حديث المناهي المرويّ في الفقيه «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الغيبة والاستماع إليها» (٦).
وقد يقال : الأخبار في حرمة استماع الغيبة كثيرة ، والأخبار المذكورة كما ترى ضعيفة الأسانيد بالإرسال فيتطرّق الإشكال إلى صحّة الاستدلال بها ، إلّا أن يقال : بانجبارها بالكثرة المدّعاة أو بما عرفت من ظهور الإجماع ونفي الخلاف ، بدعوى أنّ مدركهم في الإفتاء بحرمة الاستماع هذه الأخبار فينجبر ضعفها بالعمل.
ثمّ يتطرّق الإشكال إلى دلالة ما عدا الأخيرين منها فإنّ دلالة قوله عليهالسلام : «المستمع أحد المغتابين» على تحريم الاستماع غير واضحة ، لقيام احتمال قراءة المغتابين تثنية ، واعتبار كون المستمع أحد هذه الاثنين.
بتقريب انّ الاغتياب لا يتحقّق إلّا بين اثنين أحدهما القائل وهو المغتاب بالمعنى الفاعلي ، والآخر المقول له وهو السامع فهو المغتاب بالمعنى المفعولي أعني المغتاب له فهو أحد المغتابين ، المغتاب بمعنى المغتيِب بالكسر والمغتاب بمعنى المغتيَب له بالفتح ،
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٢٨٠ / ٩ ، ب ١٥٢ أحكام العشرة ، أمالي الطوسي : ٥٤٨.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٧١.
(٣) كشف الريبة : ٦٤ ، تنبيه الخواطر ١ : ١٢٧.
(٤) أورده في كشف الريبة مرسلاً : ٦٤.
(٥) جامع الأخبار : ٤١٣ ، المستدرك ٢ : ١٠٨.
(٦) الوسائل ١٢ : ٢٨٢ / ١٣ ، ب ١٥٢ أحكام العشرة ، الفقيه ٤ : ٤ و ٨ / ١.