المظلمة ، وفي الاستفتاء لا يجوز الاستماع لغير المفتي ، فإنّ الواجب في هذه الموارد الاقتصار في ذكر العيب على استماعه لمن يحصل به أو منه الغرض فلا يجوز لغيره الاستماع.
وربّما يمكن الاستدلال عليه بقوله عليهالسلام : «المستمع أحد المغتابين» إن استظهرنا منه أنّ معناه أنّ المستمع لغيبة كأنّه متكلّم بها فإذا لم يجز له التكلّم بها لم يجز استماعها ، إلّا أنّه محلّ منع. لا يقال : إنّ هذه غيبة محلّلة فيجوز استماعها لكلّ مستمع بحكم الملازمة المتقدّمة ، لمنع الحلّية لو ذكرها بحيث يسمعها غير من يحصل به أو منه الغرض ، حتّى أنّ الجارح للشاهد لو ذكر فسق الشاهد بحيث يسمعه غير الحاكم كان جرحاً له.
ثمّ إنّ المحرّم في هذا الباب هو الاستماع وهو السماع القصدي لا السماع من غير قصد ، وإن عبّر في بعض الروايات المتقدّمة بالسامع لوجوب حمله على المستمع ، لأنّ السماع من غير قصد الحاصل لضرب من الاتّفاق داخل في الأفعال الغير الاختياريّة فلا يصلح متعلّقه للتكليف.
ثالثها : في ردّ الغيبة ، واستحلالها ، والاستغفار لصاحبها.
أمّا الأوّل : فلا إشكال في وجوبه على من يقدر عليه بل الظاهر أنّه لا خلاف فيه ، للنصوص المستفيضة القريبة من التواتر إن لم ندّع تواترها ، منها ما في حديث المناهي «ومن تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها عنه ردّ الله عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يردّها وهو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة» (١).
وما في حديث وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام «يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة» (٢) وقضيّة الرواية الاولى زيادة عقاب تارك ردّ الغيبة على عقاب فاعلها سبعين مرّة. قيل : ولعلّ وجهه أنّه إذا لم يردّه يجرأ المغتاب على الغيبة فيصرّ على هذه الغيبة وغيرها.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٢٨٢ / ١٣ ، ب ١٥٢ أحكام العشرة ، الفقيه ٤ : ٤ / ١.
(٢) الوسائل ١٢ : ٢٩ / ١ ، ب ١٥٦ أحكام العشرة ، الفقيه ٤ : ٢٦٩ / ٨٢٤.