البطلان وإلّا بطلت النبوّات فينتقض الطرد.
وعن التنقيح للفاضل المقداد «أنّه عمل يستفاد منه ملكة نفسانيّة يقتدر بها على أفعال غريبة وأسرار عجيبة» (١) ويرد عليه حزازة أنّ العمل ممّا ينشأ من الملكة النفسانيّة لا أنّه يستفاد منه الملكة إلّا أن يتكرّر مرّات عديدة ، فيخرج ما لا يستفاد منه وجود الملكة ، ولعلّه لذا كلّه تصدّى في شرح القواعد بجعله عبارة عن إيجاد شيء يترتّب عليه آثار غريبة ... (٢) إلى آخر ما ذكره ، وقد تقدّم نقله في الجهة الثانية.
وقد يفرّق بين الطلسم والسحر والكيميا ، فيقال : الطلسم علم موضوعه تأثير الروح في الروح ، والسحر علم موضوعه تأثير الروح في الجسد ، والكيميا علم موضوعه تأثير الجسد في الجسد كما يصنع الصفر فضّة والرصاص ذهباً.
هذا أيضاً ليس بسديد ، لأنّ السحر من قبيل العمل وإن كان منشؤه العلم بمعنى الملكة النفساني إلّا أن يقال : هذا إطلاق آخر للفظ السحر وكأنّه مأخوذ من الساحر على معنى صاحب ملكة هذا الفنّ.
وكيف كان فلنقتصر على ذكر الأنواع الّتي ذكر الإمام الرازي في كلامه الّذي نقله المجلسي رحمهالله في البحار بطوله عن تفسيره ، فإنّها ثمانية أنواع نقلها هنا ملخّصة.
النوع الأوّل : سحر الكذّابين الّذين كانوا في قديم الدهر ، وهم قوم يقولون بإلهيّة الأفلاك والكواكب ويعبدونها ، ويزعمون أنّها المدبّرة للعالم ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة ، وهم الّذين بعث الله تعالى إبراهيم عليهالسلام لإبطال مقالتهم والردّ لمذاهبهم ، فإنّها ثلاثة على حسب فرقهم المختلفة :
منها : مذهب فريق يقولون بكون الأفلاك والكواكب واجبة الوجود لذواتها ، فهي المدبّرة لعالم الكون والفساد.
ومنها : مذهب فريق يقولون بعدم كونها واجبة الوجود بل هي ممكنة الوجود بالذات لافتقارها إلى العلّة والمؤثّر ، إلّا أنّها قديمة لقدم العلّة المؤثّرة فيها.
ومنها : مذهب فريق قالوا بكونها ممكنة حادثة مسبوقة بالعدم ، إلّا أنّه أعطاها
__________________
(١) التنقيح ٢ : ١٢.
(٢) شرح القواعد ١ : ٢٤٣.