المبحث الأوّل
فيما يتعلّق بالخمر موضوعاً وحكماً
أمّا الموضوع ، فالمعروف المشهور بين الفقهاء أنّها المسكر المتّخذ من العنب ، وهو المعهود في العرف الكاشف عن اللغة بل المشهور بين أئمّة اللغة ، وهو المستفاد من تضاعيف الأخبار المتكاثرة المأثورة عن أهل بيت العصمة ، وما يوجد في بعض الأخبار من إطلاقها على سائر الأنبذة والمسكرات أو الفقّاع فهو مبنيّ على الاستعارة ، والتشبيه لمشاركتها الخمر في الأحكام.
ومن هذا الباب ما ورد في عدّة أخبار من قوله عليهالسلام : «قال رسول الله : الخمر من خمسة ، العصير من الكرم ، والنقيع من الزبيب ، والبِتع (١) من العسل ، والمزر (٢) من الشعير ، والنبيذ من التمر» (٣) وكذا ما في قول أبي الحسن الماضي عليهالسلام بسند صحيح : «من أنّ الله لم يحرّم الخمر لاسمها ، ولكن حرّمها لعاقبتها ، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر» (٤) بل هذا على ما ذكرناه من اختصاص اسم الخمر بالمتّخذ من العنب أدلّ لمكان قوله : «لم يحرّم الخمر لاسمها ولكن حرّمها لعاقبتها» فإنّ هذا البيان يقال لتعميم الحكم إلى ما لم يتناوله الاسم حقيقة وإن فرض دخوله في المراد مجازاً حين إنشاء الحكم.
__________________
(١) البِتع : نبيذ يتّخذ من عسل كأنّه الخمر صلابة (لسان العرب ٨ : ٤).
(٢) المزر : نبيذ الشعير والحنطة والحبوب (لسان العرب ٥ : ١٧٢).
(٣) الوسائل ٢٥ : ٢٧٩ / ١ ، ب ١ الأشربة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ١٠١ / ٤٤٢.
(٤) الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ / ١ ، ب ١٩ الأشربة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ١١٢ / ٤٨٦.