حيث تعلّمه وتعليمه ، وثالثة من حيث التكسّب به ، ورابعة من حيث كفر مستحلّه ، وخامسة من حيث وجوب قتل عامله ، إلّا أنّ هذه الجهة الخامسة ليس هنا موضع ذكرها ، بل محلّه باب الحدود لأنّ الأصحاب ذكروا قتل الساحر في ذلك الباب.
فالعمدة في المقام هو التكلّم في الجهات الأربع :
الجهة الاولى : في حرمة عمل السحر ، والظاهر أنّه لا يتفاوت فيه الحال بين ما لو كان السحر أمراً واقعيّاً أو أمراً تخيّليّاً أو بعضه واقعيّاً وبعضه تخيّليّاً ، لأنّ الحرمة في الشريعة ثبت لعنوان السحر كائناً ما كان ، فتثبت لكلّ ما يصدق عليه عنوان السحر على وجه الحقيقة إلّا ما خرج بالدليل.
وأمّا ما اطلق عليه السحر مجازاً للمشابهة والمشاركة في الصورة كالاستعانة بخواصّ الأجسام السفليّة أو بالنسب الرياضيّة الّتي تسمّى علم الحيل وجرّ الأثقال على مذهب فخر المحقّقين المصرّح فيما تقدّم بعدم كونهما من السحر ، وقضيّة كلامه أن يكون إطلاق السحر عليه حيثما وقع مجازيّاً فلا بدّ في إلحاقه بالسحر في الحرمة من دليل آخر يدلّ على اللحوق ، ولا يكفي فيه أدلّة حرمة السحر كما هو واضح ، وحيث لم يساعد عليه دليل يحكم فيه بعدم الحرمة عملاً بالأصل ، كما أنّه كذلك كلّما اشتبه كونه سحراً من الأعمال الغريبة والأفعال العجيبة ، لاختلاف العلماء فيه كالاختلاف الّذي يستظهر فيما بين الشهيد الثاني في المسالك حيث اعتبر فيه كونه بحيث يحدث بسببه ضرر على الغير وبين غيره ممّن لم يعتبر ذلك ، فيشتبه ما لم يحدث بسببه ضرر على الغير بين كونه سحراً وعدمه.
وكذلك على ما تقدّم عن العلّامة (١) حيث اعتبر فيه كونه مؤثّراً في بدن المسحور أو قلبه أو عقله ، وغيره لم يعتبر ذلك فيشتبه ما ليس بمؤثّر ، ففي نحو ذلك يجب لرفع الاشتباه واستعلام حقيقة الحال الرجوع إلى اللغة ثمّ إلى العرف ثمّ إلى الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة ، فإن لم يتبيّن شيء يحكم فيه بعدم الحرمة أيضاً للأصل ، وكيف كان فالمعروف من مذهب الأصحاب حرمة السحر.
__________________
(١) القواعد ٢ : ٩.