الملائكة الأخيار وملائكة السماء والأرض ، قال : فصامت المرأة نهارها وقامت ليلها وحلقت رأسها ولبست المسوخ فبلغ ذلك النبيّ ، فقال : إنّ ذلك لا يقبل منها» (١) بناءً على أنّ المراد من الشيء الّذي صنعتها شيء من السحر كما فهمه الصدوق ، وهذه الروايات وإن كانت بحسب أسانيدها ضعافاً غير أنّ كثرتها وانجبارها بالعمل واعتضادها بالضرورة والإجماعات المنقولة يغني عن التأمّل في قبولها.
وحيث إنّ الحرمة فيها معلّقة على ماهيّة السحر السارية في جميع أنواعه وأشخاصه ، وهل استثني منه شيء أم لا؟ ظاهر من أطلق تحريم السحر كالإيضاح (٢) وغيره (٣) وقيل الأكثر عدم الاستثناء ، وقيل كما عليه جماعة بالاستثناء واختلف في المستثنى ، فممّا قيل باستثنائه حلّ عقد السحر أي رفع ضرر السحر بالسحر ، واختاره غير واحد من مشايخنا (٤).
ومنعه جماعة كالعلّامة في جملة من كتبه (٥) والشهيد في الدروس (٦) والفاضل الميسي (٧) والشهيد الثاني (٨). وينبغي تخصيص مورد الاستثناء بصورة انحصار طريق الدفع في السحر ، وعليه ينزل إطلاق من أطلق اقتصاراً في الحكم المخالف للعمومات على موضع اليقين.
وكيف كان فقد يستدلّ عليه بقاعدة أنّ الضرورات تبيح المحظورات ، ويشكل بأنّ المسلّم منها ما لو كان ضرر السحر بحيث خيف بسببه تلف النفس أو زوال العقل ، لأنّ مصلحة حفظ النفس عن التلف والعقل عن الزوال أعظم من مفسدة السحر ، وأمّا مطلق الضرر وإن لم يبلغ حدّ تلف النفس ولا زوال العقل فلا يسلّم كون التخلّص عنه من الضرورة المبيحة للمحظور ، لعدم دليل معتبر على كون مصلحة دفع مطلق الضرر أعظم من مفسدة السحر ، والعبارة المذكورة لبيان القاعدة ليست بلفظ الحديث حتّى يؤخذ بعمومها أو إطلاقها.
واستدلّ عليه أيضاً بما تقدّم في حديث عيسى بن سقفي من قوله عليهالسلام : «حلّ
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٤٤٥ / ٤٥٤٤.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٤٠٥. (٣) التنقيح الرائع ٢ : ١٢.
(٤) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ٢٩٦.
(٥) القواعد ٢ : ٩ ، التذكرة ١ : ٥٨٢ ، المنتهى ٢ : ١٠١٤.
(٦) الدروس ٣ : ١٦٤. (٧) نقل عنه في مفتاح الكرامة ١٢ : ٢٣٧.
(٨) المسالك ٣ : ١٢٨.