فالقول بأنّها كلّ شراب مسكر سواء كان متّخذاً من العنب أو الزبيب أو التمر أو الشعير أو الذرّة أو العسل أو غيره ، ضعيف وإن رجّحه صاحب القاموس قائلاً : «الخمر ما أسكر من عصير العنب أو عامّ. ثمّ قال : والعموم أصحّ لأنّها حرّمت ، وما بالمدينة خمر عنب وما كان شرابهم إلّا البُسر والتمر» (١).
وهذا التعليل أضعف من القول المذكور لأنّ التحريم حكم مشترك بين أهل المدينة وأهالي سائر البلاد ، وعدم وجود شراب العنب في المدينة يوم حرّمت الخمر لا يقضي بأنّ المراد بالخمر ما عداه من المسكرات أو ما يعمّه وغيره ، ولو سلّم فلا يثبت به الاستعمال غير دالّ على الحقيقة.
وأمّا الحكم ، فنقول : إنّه يتعلّق بالخمر كثيرة تذكر في مسائل :
المسألة الاولى : يحرم بيع الخمر وشراؤها بل مطلق التكسّب بها إجماعاً محصّلاً ومنقولاً مستفيضاً كما تقدّم الإشارة إلى جملة منها ، مضافاً إلى عموم النبويّ المتقدّم ، وخصوص رواية تحف العقول ، والروايات المصرّحة بسحتيّة ثمن الخمر ، وما رواه في الخصال عن الباقر عليهالسلام «لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الخمر عشرة ، غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها» (٢) وفي معناه المرويّ في كتب المشايخ الثلاث بطرق عديدة.
وفي مقابلها عدّة من الأخبار ربّما توهم الجواز مثل خبر محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام «في رجل كان له على رجل دراهم فباع خمراً أو خنازير وهو ينظر فقضاه ، فقال : لا بأس به أمّا للمقتضي فحلال ، وأمّا للبائع فحرام» (٣).
وخبر زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام «في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمراً أو خنزيراً ثمّ يقضي منها ، قال : لا بأس ، أو قال : خذها» (٤).
وخبر محمّد بن يحيى الخثعمي قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يكون لنا
__________________
(١) القاموس ٢ : ٢٣ (خمر).
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٢٤ / ٤ ، ب ٥٥ ما يكتسب به ، الخصال : ٤٤٤ / ٤١.
(٣) الوسائل ١٧ : ٢٣٢ / ٢ ، ب ٦٠ ما يكتسب به ، التهذيب ٧ : ١٣٧ / ٦٠٦.
(٤) الوسائل ١٧ : ٢٣٣ / ٣ ، ب ٦٠ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ٢٣٢ / ١١.