والردع عن الباطل ، وإن لم يرجعوا إلى العلماء أو لم يستمعوا قولهم أو لم يرتدعوا حتّى ضلّوا فهم مقصّرون في ضلالتهم ولا جرح على غيرهم.
ولو فرض أنّ المتنبّئ حصل له أتباع واجتمع عليه اناس فهجم إلى بلاد المسلمين لهدم بيضة الإسلام فالواجب على المسلمين الدفاع ، ولو فرض أنّهم لم يجتمعوا لدفاعهم لعصيانهم أو عدم تمكّنهم ولو لعدم إعانة سلطان المسلمين لهم ، وأمكن دفعه بتعلّم السحر أو عمله وانحصر الطريق فيه أمكن القول بجوازه بل وجوبه حينئذٍ ترجيحاً لمصلحة حفظ بيضة الإسلام فإنّها أعظم بمراتب شتّى من مفسدة السحر وتعلّمه ، ولكن هذا عند وقوع الواقعة ، وكلام المجوّزين ليس على هذا الفرض البعيد الّذي لم يتّفق في الخارج بعد ، بل ظاهرهم تعلّم السحر من غير وقوع الواقعة لمجرّد احتمال أنّه لو وقعت في وقت من الأوقات على الوجه المفروض لقام المتعلّم إلى دفعه ، وهذا ممّا لا يساعد دليل على جوازه فضلاً عن وجوبه كفاية بحيث ينهض ذلك الدليل مخرجاً عن عموم تحريم السحر وتعلّمه.
الجهة الثانية : وما بعدها في تعلّم السحر وتعليمه والتكسّب به وكفر مستحلّه.
أمّا تعلّمه فالمعروف من مذهب الأصحاب تحريمه ، والظاهر أنّه ممّا لا خلاف ، وعن الأردبيلي في شرح (١) الإرشاد احتمال كونه إجماعيّاً أو استظهاره. ويدلّ عليه من النصوص عموماً ما في رواية تحف العقول من قوله عليهالسلام : «وما يكون منه أو فيه الفساد محضاً ولا يكون منه أولاً فيه وجه من وجوه الصلاح حرام تعليمه وتعلّمه والعمل به وأخذ الاجرة عليه» (٢) وخصوصاً رواية إسحاق عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عليهالسلام «إنّ عليّاً عليهالسلام قال : من تعلّم من السحر شيئاً كان آخر عهده بربّه ، وحدّه القتل إلّا أن يتوب» (٣) ورواية أبي البختري المرويّة عن قرب الإسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه عليهالسلام «إنّ عليّاً قال : من تعلّم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر ، وكان آخر عهده بربّه ، وحدّه أن يقتل إلّا أن يتوب» (٤) وفي كلام صاحب الوسائل في الحاشية ما يعطي كون هذه الرواية
__________________
(١) مجمع الفائدة ٨ : ٧٩.
(٢) تحف العقول : ٣٣١.
(٣) الوسائل ١٧ : ١٤٨ / ٧ ، ب ٢٥ ما يكتسب به ، قرب الإسناد : ٧١.
(٤) الوسائل ٢٨ : ٣٦٧ / ٢ ، ب ٣ بقيّة الحدود ، التهذيب ١٠ : ١٤٧ / ٥٨٦.